(وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) او يعني بها ما يجهله الآن وقد تلمّحه من ملامح البيان عساه يذكره ربه لعصاه ، وبينهما مآرب التوكؤ والهش ، فلنفسه : (أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها) اعتمادا في مثلث القيام والمشي والوقوف ، ولغنمه : (وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي) خبطا لأوراق الأشجار الهشّ وهو الرخو اللين سريع الحث والكسر لحد يكفيه هش العصا.
ثم ومن (مَآرِبُ أُخْرى) التي أجملها ، الاستظلال بها ركزا لها وجاه الشمس وإلقاء لكسائه عليها ، ودفعا لذئب وسواه من الضاريات حين تعرضه وغنمه اما هيه من مآرب اخرى معنيّة.
والمآرب جمع المأربة وهي الحاجة ، وقد ذكر منها اثنتين بعد تعريفه بما بيمينه ، ثلاثة غير مسئول عنها حيث السؤال ب «ما» ليس إلا عن الماهية ، دون «كيف» واضرابها التي هي للكيفية ، ولكنه ما كان ليعرف من ماهيتها الا (هِيَ عَصايَ) ثم الله ابرز لها ماهية اخرى فإذا هي حية تسعى.
(قالَ أَلْقِها يا مُوسى ١٩ فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) ٢٠.
ترى ولماذا إلقاءها هنا لتكون حية تسعى؟ ان ذلك تدريب له بما تعدّ له من آيات ربه الكبرى ، وليكون على معرفة وأهبة بما سوف يفعله الله عند فرعون آية لموسى!.
وقد يعني على هامش ذلك المعني إبرازا لسيرة ما يتوكؤ عليه من غير الله انه حية تسعى ، تخليصا. لموسى ان يتوكأ نفسيا على اي متكإ سوى الله ، كما خلع عنه نعليه إذ هو بالواد المقدس طوى ، حيث التجرد من كل التعلقات لزام الحضرة الربانية لتلقى الوحي ، وهنا لك ينعكس خلع النعلين ـ لتخلّيه عما سوى الله ـ وحيا يوحى ، ثم إلقاءه عصاه آية لوحيه أمام عدوه حية تسعى.