وجوانح ، فلا حاجة إلى إرائتها ، وآيات أخرى غامضة يريها الله بما يبين في كتاباته وألسنة أنبيائه أم إلهامات غيبية ، وهي حالة حالية وماضية على أية حال ، فما هي الثالثة التي «سنريهم»؟ وتبين الحق في القرآن لزام كل مكلف على أية حال ، وإلّا لم تكن حجته بالغة على كل حال!
ضمير الغاب في «أنه» هو الله العزيز وكتابه العزيز ، و «آياتنا» تعم التدوينية القرآنية والتكوينية الكونية ، ولأن «في أنفسهم» تعم دواخل نفوسهم ، وإياهم فيما بينهم ، ف «في الآفاق» تعم خوارج نفوسهم ، والخارج عما بينهم ، ف «نفوسهم» تخص الدواخل ، «وأنفسهم» تعمها وما بينهم.
صحيح أن بصر العين وبصيرة العقل والفطرة كافية لتبنّي أصل الإيمان بالله وكتابه ، ثم الإرائه الإلهية تزيد إيمانا على إيمان : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) وهدى على هدى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) إلا أن لكل مستقبل من الزمن إشراقة تبيّن وإرائة فوق إرائة ، هي من عوامل تبيّن الحق في زاوية ثالثة للذين اهتدوا ، ومن الأسباب القاطعة القاصعة لتبيّنه للذين جحدوا بها ، كالأخبار المستقبلة ، فوقوعها كما أخبر عنها إراءة مستقبلة ، وكالتقدمات العقلية والعلمية الناصعة التي ترى عيانا ما لم يكن يرى من ذي قبل إلّا بعين البصيرة ف «إن للقرآن آيات متشابهات يفسرها الزمن».
فالتقدمات العقلية والعلمية هي من الآيات الأنفسية الأولى ، فآفاقيتها هي الكشوف العلمية التي تكشف ـ دوما ـ النقاب عن وجه كتاب التكوين حيث تجاوب كتاب التدوين.
والانتصارات الإسلامية هي من الأنفسية الثانية كفتح مكة وغلب الروم الكتابيين على المشركين : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ