وكل سماء تشمل فيما تشمل كل أرض من السبع ، والأمر الموحى في الكل يعم التدبير تكوينا وتشريعا.
ولأنه «العلي» في عزته وحكمته وملكيته ومالكيته ، فلا ينال من دونه إلّا ما منحهم ، فهم لا يملكون وحيا إلّا ما أوحي (كَذلِكَ يُوحِي ..).
ولأنه «العظيم» فيها وفي علّوه فليعل وليعظم وحيه ، وليعز وليحكم وحيه ، وليملك ويسيطر وحيه على الموحى إليهم والموحى لهم.
هنالك تتقرر وحدة الوحي في أصله ، ووحدة مصدر الوحي ، فالموحي هو الله العزيز الحكيم الملك العلي العظيم ، ووحدة الموحى إليهم على مدار الزمن (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ ..) الوحي المثلث الوحدوي ، قصة بعيدة المدى ، قريبة الهدى ، ضاربة في أعماق الزمن وأطواءه ، متشابكة الحلقات وليست متشاكسة ، في مناهج ثابتة الأصول مهما اختلفت الفروع.
فالله واحد ، والرسالة واحدة ، والأمة واحدة : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ. وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ. فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (٢٣ : ٥٣).
(تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٥).
إن لتفطر السماوات من فوقهن موقع في القيامة الكبرى بما يفطرها الله : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ. وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ ..) (٨٢ : ٢) حيث العلي العظيم يقضي بذلك التفطّر ، ومن قبلها ومنذ خلقت موقع للتفطر «تكاد» كما هنا ، وحين خلقها موقع حيث فطرت من المادة الأمّ :