(فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٦ : ١٤) (... فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) (٤ : ١٢).
وتفطّر السماوات حيث تكاد هو بين الواقعين : تعميرا وتدميرا ، ثم وهو بين العلوّ والعظمة الإلهية : (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) وبين الاتخاذ من دونه وليا : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) كما (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا. تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا. أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً. وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً. إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً. لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا) (١٩ : ٩٤).
والفطر هو الشق ، شقا إلى الخلق كما شق السماوات والأرض من المادة الأم.
والمادة الأم شقّها لا من شيء إلّا ارادته ، أو شقا إلى الخراب (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) فهناك فطر الإيجاد والتعمير ، وهنا فطر الإعدام والتدمير ، ويختص الأخير بالانفطار التفطر (١) كما الاول بالفطر (٢) حيث الأولان تقبّل لفعل الفطر التدمير ، والأخير هو هو الفطر للإيجاد أو التعمير.
ثم و (تَكادُ السَّماواتُ) هنا قد تعني اقتراب الساعة فيما تعنيه من الحالة الكائنة بين فطرها وتفطرها ، وإن كانت لا تعني إلّا الثانية في آيتها الثانية ، وكيف لا تكاد تتفطر من فوقهن! والعظمة الإلهية من ناحية ، واتخاذ أولياء من دونه من أخرى ، تقتضي أن تتفطر قبل قيامتها ، لولا أن (الْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) و (إِنَّ اللهَ هُوَ
__________________
(١) كما «السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ» (٧٣ : ١٨)
(٢) ك «فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» ١٢ : ١٠١ و ١٤ : ١٠ و ٣٥ : ١ و ٣٩ : ٤٦ و ٤٢ : ١١.