كثيرا وأرفع مقامه كثيرا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) واثنى عشر إماما يلدهم إسماعيل وأجعله أمة كبيرة .. أبارك العالم بهم» (١)
(لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَ)(٢)
(تُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)(٧) عطف الإنذار الثاني إلى الأول يوحي بأنه غيره ، فما هو الإنذار بغير يوم الجمع؟ إن هنا نذارة ليوم الفرق الدنيا وأخرى ليوم الجمع الأخرى وكما البشارة تعمهما ، إذ ليس الدين ـ فقط ـ ينحو نحو الإصلاح للأخرى حتى يختص إنذاره وتبشيره بها ، بل ويبتدء بالأولى وينتهي إلى الأخرى ، حيث الأولى مزرعة الأخرى ، وانتفاع الزارع أو خسرانه يعمهما ، .. وقد يعني الإنذار الأول ـ فيما يعني ـ إنذار المبدء قبل المعاد ، أو أن الإنذار الأول يعمهما كليهما ، فلأن الثاني أهمهما يختص هو بالذكر دون الاوّل ، حيث النكبات الدنيوية تتحمل بطيّات شهواتها الحاضرة ، ولكنما الأخروية صارمة لا تحمل بطياتها شهوات ، فالإنذار لها هي هي الأصل وللأولى الفرع.
ثم الجمع (يَوْمَ الْجَمْعِ) يحوي جموعا عدة : جمعا لأجزاء كل إنسان وعظامه : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) (٧٥ : ٣) وجمعا للخلائق المكلفين : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) (٧٧ : ٣٨) وجمعا بين الرسل الأشهاد والمرسل إليهم المشهود عليهم : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) (٥ : ١٠٩) ولكي يفتح ويحكم بينهم : (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) (٣٤ : ٢٦) ثم وجمعا لأصحاب الجحيم في الجحيم : (إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (٤ : ١٤٠) وكما يجمع أصحاب الجنة فيها : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) (٣٣ :)
__________________
(١). راجع كتابنا (رسول الإسلام في الكتب السماوية) تجد تفاصيل هذه البشارات.