وضمير الغائب في «كمثله» وإن كان راجعا إلى الذات ، ولكنه ذات فاطر الأرض والسماوات بما فطر وجعل وذرء ، فكما ليس كمثله شيء في ذاته كذلك ليس كمثله شيء في صفاته ذاتية وفعلية ، فنفي المماثلة عن ذاته وفعاله ، نفي مضاعف عن صفات ذاته ، فصفات الذات هي عين الذات ، فهي إذا في حكم الذات ، وصفات الفعل صادرة عن صفات الذات ، فنفي المماثلة فيها نفي ـ بأحرى ـ عن صفات الذات.
(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) : سبحانه عما يصفون من صفات لم يصف به نفسه ، وسبحانه من صفات وصف به نفسه وهم يعنون بها مثل ما يعنون في أنفسهم (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) حيث يصفونه بما وصف به نفسه ، قاصدين جهة السلب المعلومة ، وتاركين جهة الإثبات المجهولة ، فهم يسبحونه بحمده دون أن يحمدوه ناظرين إلى جهات الإثبات بالحيطة أو الإشارة العلمية ، فليس للخلق من صفات الله الثبوتية إلّا أنه «خارج عن الحدين حد التعطيل وحد التشبيه». ف «للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب : نفي وتشبيه وإثبات بغير تشبيه ، فمذهب النفي لا يجوز ، ومذهب التشبيه لا يجوز لان الله لا يشبهه شيء ، والسبيل في الطريق الثالثة : إثبات بلا تشبيه» (١) : «خارج عن الحدين حد التعطيل وحد التشبيه».
ف «لا له مثل فيعرف بمثله» (٢) حيث «حد الأشياء كلها عند خلقه إياها إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها» (٣) ف «لا يخطر ببال أولى الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته لبعده من أن يكون في قوى المحدودين لأنه خلاف خلقه» (٤) انه «غير معقول ولا محدود ، فما وقع
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٥٦١ ح ٢٨ من كتاب التوحيد باسناده الى محمد بن عيسى بن عبيد الله انه قال قال الرضا (عليه السلام) : ..
(٢ ـ ٣ ـ ٤). المصدر عن كتاب التوحيد خطب ثلاث لعلي (عليه السلام).