في سائر القرآن حيث يذكر الوحي إلى أصحابه الخصوص إنما يؤتى بصيغة الوحي حيث المقصود أصله دون درجاته بالقياس إلى بعض : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً. وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (٤ : ١٦٣) حيث جمع بين سائر الوحي إلى سائر المرسلين لأن المقام مقام استعراض أصل الوحي إلى أصحابه لا التفاضل فيه.
وأما آية الشرعة حيث تبين الشرائع الخمس إلى أولي العزم الخمسة فهي تستعرض في إشارات مراتب الوحي ، فتعبّر عن وحي القرآن بالوحي ، ثم عن سائر الوحي إلى الأربعة الآخرين بالوصية.
فالوصية هي التقدم إلى الغير بما يعمل مقترنا بوعظ ، وهي لم تستعمل في سائر القرآن في الوحي اللهم إلّا بدائيا كما أوحي إلى المسيح في المهد صبيا : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) (١٩ : ٣١) حيث المسيح لم يكن حينذاك نبيا وإنما نبئ بهذا ذودا عن أمه الطاهرة وبشارة
__________________
ـ اربع :
١ ـ «الذي» بدلا عن «ما» دلالة على ضخامة الوحي على محمد دونه على نوح.
٢ ـ حضور الوحي في «إليك» وغيابه في «وصي».
٣ ـ جمعه في «أوحينا» وإفراده في «وصى».
٤ ـ لفظة الوحي في «أوحينا» والوصية في «وصى».
كما تمتاز صيغة الوحي على الثلاثة الآخرين عن نوح بالجمع والحضور في «أوحينا» وان كان حضور «نا» أوفى من حضور «إليك» فيمتاز إذا وحي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على الثلاثة ب «الذي» «أوحينا» «إليك» حضوران في أوحينا إليك إضافة إلى الوحي والذي.