بنبوته الآتية ، إذا فهذه الوصية كانت وحيا قبل الرسالة ، وعلّها كما أوحي إلى أم موسى أم ماذا؟.
هذا! ثم اللهم إلّا آيتنا هذه حيث قارنت بين الوحي على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وهو في أعلى القمم ـ وبين الوحي إلى سائر أولي العزم من الرسل ، فعبرت عن الأول بالوحي (الَّذِي أَوْحَيْنا) وعن الثاني بالوصية «وصى ـ وصينا» إيحاء بمدى البون بين الوحين ، وكما عبر عن الوحي على أولهم «نوح» (عليه السلام) بالمفرد الغائب وعن الآخرين بالجمع الحاضر إيحاء بالبون بين هذين أيضا كما بينهما وبين الأول.
(شَرَعَ لَكُمْ .. أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) إنه ما شرع هذه الخمس حتى تتشجروا متفرقين ، وإنما (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) بكل شرعة في دورها (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) ف (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً .. لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ..) (٥ : ٤٨) فلكل شرعة دور يجب على المكلفين كافة إتّباع الشرعة الحاضرة ، لا متابعة الغابرة تعّودا عليها أو تعصبا عنصريا أم ماذا؟ فإن إقامة الدين في كل دور هي إقامة طاعة الله في أمره الحاضر ، في شرعته الحاضرة ، فالتصلّب على الغابرة عصيان للأمر وتضييع للدين.
فالتفرق في الدين : إلى هود ونصارى ومسلمين راحة للمشركين ، حيث يروننا أمثالهم في تفرق الدين ، متضادين متفرقين أيادي سبا كما هم ، و (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من وحدة الدين!
وترى المخاطبون في (أَقِيمُوا الدِّينَ) هم المسلمون؟ وهم مسلمون لا يتفرقون! ام هم عامة المكلفين؟ فإقامتهم للدين أن يقيموه في شرعته ، أن يتبع الكل في كل دور شرعته الواحدة ، فالترسب على شرعة سابقة نكرانا للّاحقة تضييع للدين الأمر والطاعة ، فإنهما الآن في الشرعة الحاضرة دون