الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ. نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ. وَمَنْ (١) أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٤١ : ٣٣).
لقد أمرت الأمم قبلئذ (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) فلم يأتمروا إلّا قليلا ، ثم الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤمر أخيرا أن يحقق هذا الأمر (وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) ومن ثم (وَمَنْ تابَ مَعَكَ) فقد حمّل هو ومن معه تحقيق هذه الرسالة الموحّدة وقد حقق كما حمّل في دعوته الصارمة ، وعلى الذين معه حمل هذه الرسالة حتى يحققوها كما وسوف تتحقق في الدولة المباركة المهدوية عليه آلاف التحية والسلام.
ولقد كانت هذه الرسالة الجمة الهامة حملا عليه ثقيلا لحد «قال : شمروا فما رؤي ضاحكا» (١) وكما يروى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «شيبتني هود وأخواتها» والشورى كبيرة أخواتها حيث تخصه آيتها بالاستقامة إذ قيل له (صلى الله عليه وآله وسلم) : لم ذلك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! فقال : لأن فيها (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ)(٢) ولم يذكر ومن تاب معك وإنما (كَما أُمِرْتَ) فهي في الشورى أعلى منها في هود ، ولن تطيق الأمة الإسلامية تحقيق الاستقامة التي امر بها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلّا على حدها ، لأنها الخروج من كافة المعهودات ، والقيام بين يدي الحق على حقيقة الصدق المطلق لتحقيق كافة الرسالات ولبّها في العالمين.
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٥١ ـ اخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ عن الحسن (رضي الله عليه) في قوله تعالى (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ) قال. شمّروا .. أقول : فإذا هو شمر بعد نزول هذه الآية المشتركة بينه وبين من معه فما كانت إذا حالته لمّا نزلت آية الاستقامة الخاصة به (صلى الله عليه وآله وسلم)!.
(٢) تفسير روح البيان للحقي ج ٨ ص ٢٩٩.