تلك المفاصلة التي تجعل من بيني وبينكم حجابا ، وفي قلوبكم أكنة وفي آذانكم وقرا ، فلا أفهمكم ولا تفهمونني ، لا أتحملكم ولا تتحملونني!
لا! أنا بشر كما أنتم ، أسمع وأبصر وأحس كما أنتم ، وأعي بقلبي ذاتيا ومن مداخله كما أنتم ، إلّا أن قلبي أوعى من قلوبكم إذ (يُوحى إِلَيَّ) دونكم ، وليست هذه المفاصلة بفاصلي عنكم ، وإنما هي مواصلة أخرى فيما لا تنالون بكامله ، وإن كنتم تنالونه دون كامله (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فلا حجاب بيني وبينكم إلّا منكم ، ولا كنان عما أذكّركم إلّا على قلوبكم منكم ، ولا وقر لما أسمعكم إلّا في أسماعكم منكم ، ثم من الله جزاء وفاقا : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) (٦ : ٢٥) (بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) (٢ : ٨٨)! (ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) فأنا بشر كما هم وأنتم ، ولا بدعا فيما ادعو ف (إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) كما الرسل كلهم ، وهو قضية الفطرة والعقل وكافة البراهين حسية وعقلية ، فلما ذا الحجاب بكنانه ووقره أماذا؟ (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ) استقامة على قضية العقل والفطرة ، والعدل في القوامة والفضيلة ، دونما اعوجاج عنها ولا ارتتاج ، ثم الاستقامة «إليه» لا «له» فليس هو المستفيد من تلك الاستقامة ، وإنما هو المفيد المستقيمين إليه ، القاصدين سبيله «إليه» لا زمانا ولا مكانا ، وإنما مكانة وإمكانية في بعدي التكامل شرعة وتطبيقا «واستغفروه» عما يبعدكم عنه ويضلكم عن سبيله ـ : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ..).
(الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)(٨).
المشرك بالله ـ بطبيعة الحال ـ لا يدين بدين الله فلا يؤتي الزكاة زيادة مالية على أية حال ، فإنها مطلق الزيادة ولا سيما قبل نزول آيات الزكوة