أم لأن القرآن المستجاب لنا ببينات صدقه القاطعة يحملنا على تصديق الكتابين دون حجة أخرى ، حيث الحجة المصدقة لهما ليست فيهما ، فإنها منفصلة عنها وهي معجزات موسى وعيسى حيث تحمل من شاهدها بتصديق كتابيهما ، إذا فاستجابة حجة القرآن هي التي تحملنا على تصديق الكتابين فكيف تنقلب حجة علينا تتطلب حجة أخرى بعد المتفق عليها ولا حجة لنا إلّا هيه ، إذا فحجتهم داحضة.
ثم القرآن لا يحملنا إلّا على تصديق الكتابين المبشرين به وبنبيّه : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً .. فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (٧ : ١٥٨) ، (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٢ : ١٤٦) (.. الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦ : ١٢)!.
إذا فلا نشارككم في تصديق الكتابين دون شروط ، إنما نصدق الذي بشّر بنبينا وبكتابه ، إذا فحجتهم داحضة (١).
ثم الذي يستندون إليه في استجابتهم لتورات او إنجيل ليس إلّا معجزات من الرسولين شهدها من حضرها دونهم ، وإنما استجابوهم دون حجة حاضرة ، وإنما لحسن الظن بأسلافهم ، والكتابان محرفان لا حجة فيهما وحتى قبل التحرّف إذ لا معجزة فيهما ، فهذه إذا استجابة فاشلة ، ولكنما المسلمون يستجيبون دعوة القرآن لأنه معجزة بنفسه وهو أوضح
__________________
(١) وفي حوار بين الإمام الرضا (عليه السلام) وجاثليق عظيم النصارى ....».