من الإنس ، حيث الجن موقفه كمن سلف من أنسال لا يدرى متى خلقوا.
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)(١٨).
يستعجلون بها حيث لا تحس قلوبهم هو لها فلا يحومون حولها إلا هزوا لو أنها آتية فمتى؟ ولماذا لا تأخذنا (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ ..) (٢٢ : ٤٧).
وامّا الذين آمنوا فهم (مُشْفِقُونَ مِنْها) ولأن الإشفاق هي العناية المختلطة بخوف حيث يحب المشفق المشفق عليه ويخاف ما يلحقه تقصيرا منه لا من المشفق عليه ، إذا فهم لا يستعجلونها بل قد يستأجلونها ليتهيئوا لها حيث (يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ)!.
ثم العناية قد تربو الخوف كأنه لا خوف : (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) (٥٢ : ٢٦) أم الخوف يربوها كان لا عناية : (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) (٤٢ : ٢٢)(وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ) (١٨ : ٤٩) أو الخوف يربوها وهي موجودة : (فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها) (٣٣ : ٧٢) أم هما سيان حيث الخوف والرجاء يتساويان كما هنا (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها ..) وفي أضرابها : (وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) (٧٠ : ٢٧) ضروب أربعة من الإشفاق تشارك فيها العناية والخوف.
ثم المستعجلون بها يمارون فيها ، ظلمات بعضها فوق بعض في نكرانها : «ألا» فانتبهوا (إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ) جدالا في حجج داحضة ، إنهم (لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) : بعيد عن النجاة حيث أوغلوا فيه