(يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) (٣٣ : ٦٣) (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) (١٧ : ٥١) إن «لعل وعسى» ترجّ في ظرف الشك ، ظنا دون علم ، ف (إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) في الأحزاب بيان لحالة الشك في أنها متى؟ أقريب أم بعيد؟ ثم «لعل» فيها وفيما هنا و «عسى» في الأسرى ترجّ في قربها يخرجه عن الشك إلى وشك اليقين وأشرافه بأنها قريب ، وما يدريه إلّا من أدراه كل ما دراه من وحي الرسالة أنه قريب ، كما وأدراه أخيرا بقربها : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً. وَنَراهُ قَرِيباً) (٧٠ : ٦) قريبا في واقعها كقربها في ميزان الفطرة والعقل والعلم والعدل لزمن بعيد أم قريب وكل آت قريب. «لعل وعسى» هنا وهناك لا تعني ترجّي الله ، وإنما ترجّي الرسول بما أدراه الله ، ومن ثم العلم حيث أتم ترجيّه ، وعلّ «لعل وعسى» فيما يؤمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هنا أن يقول مماشاة مع خصومه الناكرين ليوم الدين.
ترى ما هو المأخذ هنا في قرب الساعة حيث الوسط هو زمن نبي الساعة؟ (١) هل هو بداية الخلقة؟ والساعة الحساب الجزاء لا تعني ايّ كائن! أم بداية خلقة المكلفين من النسل الأخير جنا أو إنسانا أو أيا كان فإنه موضوع هذا البيان؟ ولا يخصهم يوم الجمع مهما خصهم هذا البيان! أم هم المكلفون أجمع بمن فيهم هذا النسل الأخير؟ وقد يقربنا أن الخطاب موجه إلى هذا الأخير ، ثم لا يجدينا قرب الساعة إذا كان المبدء بداية خلق المكلفين ، إذ لا نعلمها ـ وإن على وجه التقريب ـ حتى تفيدنا أن الساعة قريب ، فلتكن الساعة أقرب إلى نبي الساعة منه إلى بداية النسل الأخير
__________________
(١) تأتي الساعة في ٤٨ موضعا تعني القيامة الا «ساعَةِ الْعُسْرَةِ» و «ساعَةً مِنْ نَهارٍ» و «ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ» و «لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً» ف ٤٤ موضعا تعني القيامة.