(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٢١).
إنما الدين كله لله ، والشارع من الدين كله هو الله ، لا شريك له لا في الدين ولا في شرع الدين ، وإنما المرسلون حملة دين الله وشرائعه ، ومبلغوا شرعة الله ومؤسسوا دولته تطبيقا لها وذودا عن ساحتها وسماحتها.
ترى ما هو موقف «أم» هنا وهي لعطف الإعراض؟ .. قد يكون المعطوف عليه مما يلي : أليسوا هم بحاجة إلى شرعة من دين الله إذ لا يعبدون الله وإنما أوثانهم وطواغيتهم؟ أم هم شرعوا لأنفسهم من الدّين ما أذن الله أو ما لم يأذن به الله؟ أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله؟ وشركائهم هم الذين اتخذوهم شركاء لله فهم إذا شركائهم لا شركاء الله.
ليس من المعقول أن الدين الطاعة لله ، ثم يشرع من دينه من سواه دون إذنه ، تدخلا عارما طاغيا في طاعة الله ، ويكأن الله لا يملك شرعة من دينه فشركائهم شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله!
فالله وحده هو الشارع لعباده من دينه وطاعته ، فإنه مبدئهم ومبدعهم والكون كله ، يدبره بالنواميس التكوينية والتشريعية سواء ، وليست الحياة البشرية الّا ترسا صغيرا في عجلة هذا الكون الشاسع الواسع ، فليتحكمها شرعة تتمشى مع تلكم النواميس وتمشّي الإنسان إلى قمم الكمال المعدة له في هديه ، فكيف يشرع من دين الله من سوى الله ، أولاية على الله؟ وهو الولي الحميد! أم حيطة على النواميس ومتطلبات الحياة؟ ولا يحيطون
__________________
ـ أقول : هذه الآية حسب ما عندنا هي العشرين ولعله (عليه السلام) حسب البسملة آية ثم آية اخرى في هذا البين آيتين فأصبحت هذه الآية الثانية والعشرين.