بأنفسهم علما! أم ماذا.
مع وضوح هذه الحقيقة لحد البداهة فمن الحماقة والبلاهة المحاولات الطائلة لسنّ القوانين لإدارة شؤون الأفراد والجماعات حتى من أعقل العقلاء وأعدل العدول ، وحتى المرسلين ، فما هم بمشرعين من الدين ، إنما هم رسل يحملون شرائع من الدين شرعها الله ، ثم لا تدخّل لهم في أية كبيرة أو صغيرة.
وليس لمن يستنبط إلّا استنباط التشريعات الجزئية المتجددة مع حاجيات الحياة ، على ضوء القرآن والسنة الرسالية والرسولية ، دون سنّ لاي صغيرة أو كبيرة من عند أنفسهم ، وإنما استنباط واجتهاد لأهله على شروطه.
هكذا تدخّل عارم في شرعة الله مما لم يأذن به الله يحق له القضاء الصارم من الله (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) : كلمة التأجيل لأجل إلى الساعة ، دون تعجيل قبل الساعة.
يوم الدنيا ليس يوم الفصل وإنما هو يوم الأخرى : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٣٧ : ٢١) (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) (٤٤ : ٤٠) (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) (٧٧ : ٣٨) (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) (٧٨ : ١٧).
كلمة الفصل تحمل ميقات يوم الفصل ، والإمهال والتأجيل ليوم الفصل ، كما تحمله آيات الإمهال والتأجيل إلى يوم الفصل ، حيث يقضي بينهم ويفصل ففريق في الجنة وفريق في السعير (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وهؤلاء من أظلم الظالمين حيث يتدخلون في ولاية الله بعد إشراكهم بالله : أن شرع لهم شركائهم من الدين ما لم يأذن به الله.
(تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا