(ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ)(٢٣).
بشارة عظمى بعطية كبرى لعباد الله المؤمنين الصالحين ، أترى أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يسألهم على عنت الدعوة بوعثاءها وأعباءها والبشارة بعقباها في أولاها وعقباها ، أيسألهم عليه أجرا؟ ..
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)!
وهذه سنة الله الدائبة في رسله ألّا يسألوا المرسل إليهم أجرا ، ولا جزاء ولا شكورا ، لا ماديا ولا معنويا ، فأجرهم مضمون لهم عند الله ، وهم ليس لهم أجورهم (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) (٥٢ : ٤٠).
وهكذا نسمع الرسل منذ نوح يواجهون الأمم بأمر الله بالقول : (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) (٢٦ : ١٠٩) وهود (١٢٧) وصالح (١٤٥) ولوط (١٦٤) وشعيب (١٨٠) ومن قبلهم وبينهم وبعدهم من المرسلين : (اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (٣٦ : ٢١) كعامة المرسلين وحتى يوصل وبأحرى إلى خاتم المرسلين : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وليست هذه المودة ـ أيا كان ـ أجرا وإن كانت بصيغة الأجر : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٣٤ : ٤٧) فهو إذا أجر لا يرجع بفائدة إلّا لهم في سبيل الإيمان بربه : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (٢٥ : ٥٧) بعد قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) لا تاجرا تتعامل ببلاغ الرسالة ، والصيغة