هم السبل إلى الله والأدلاء على مرضات الله ، إذا فليس واجب المودة هنا (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) حيث توصلكم إلى الله!.
إن «القربى» هي مؤنث الأقرب كما وهي مصدر ـ وبطبيعة الحال ـ هي بمعنى الأقربية ، ولا تخلو في سائر القرآن عن كونها فعلى التفضيل او مصدر (١) ولا تجد القربى مجردة عن «ذي ـ ذوي ـ أولي» إلّا هنا ، حيث الأقربية الرسالية هي المعنية دون ذويها وأوليها ، ولذلك قال «في القربى» لا «للقربى» أو «القربى».
فحاصل المعني من المودة في القربى هو المودة في القربى إلى الرسول كمدينة علم الرسالة ، فإلى الله حيث الرسالة تكرّس ككلّ إلى الله : (.. إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) فكانوا هم السبيل إليه والمسلك إلى رضوانه.
فليست القربى إذا ـ فقط ـ أقربية الرسول إلى الله ممن سواه وإن كانت تشملها كأصل ، ولكنما المودة في القربى إنما تكون لهم كسبيل كاملة إلى الله إذا اتخذوا إلى مدينة علمه سبيلا هي أبوابها : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً. يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً ، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) (٢٥ : ٢٩).
فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أفضل السبل إلى الله ، فالسبيل مع الرسول ليس هو الرسول وإنما سبيل مع الرسول إلى الله ، هل لأن الرسول لا يكفي سبيلا إلى الله حتى يثنّى بسبيل معه؟ أم إن السبيل معه هو القرآن؟ والقائل : يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، لا ينقصه إلّا
__________________
(١) كما في ستة عشر موضعا من «ذي القربى» و «ذوي القربى» و «أُولُوا الْقُرْبى» و «ذا قربى» و «اولى قربى».