ثم المودة في قرباه إليكم ليست إلّا له لا لهم (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) كذلك هي والمودة في قرباهم إليه ليست اتخاذ سبيل إلى الرب اللهم إلّا قربى الرسالة ، سبيلا إليها فإلى الله وهي الأئمة من عترته (صلى الله عليه وآله وسلم).
فلئن قلت لا قربى أقرب من قربى الله فلتكن هذه المودة في قربى الله «أن تتقربوا إليه بطاعته» (١)؟ قلنا : كما المودة في طاعة الله تحملكم عليها ثم قربى بها إلى الله ، كذلك المودة في الأدلّاء إلى الرسول فإلى الله ، فلولا معرفة الرسول والرسالة كاملة لم تعرفوا طاعة الله حتى تقربكم إلى الله زلفى (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) فلو كان السبيل إلى الرب هي الطاعة المعروفة لكل أحد فكيف يسألهم المودة فيها كأجر الرسالة ، فإنما هذه سبيل جديدة يعرّفها لهم حيث هم يعلّمونهم ما خفي عنهم وعزب عن علمهم فهم أبواب مدينة علم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
(وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) تصديقا للرسالة الإلهية ، وتذرعا بالمودة في القربى إليها فإلى الله زلفى ، أم ماذا من حسنة عقائدية أو عملية؟ (نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) حسنا على حسنة نورا على نور (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) حيث التقصير والقصور في اقتراف حسنة لمن استغفر وأناب (شَكُورٌ) لمن يقترف حسنة ، ولمن يتوب بعد السيئة وقد (يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) (٢٥ : ٧).
ولقد كانت هذه الآية الغرة اليتيمة تذكرة لهم أمام مشهد روضات
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٦ ـ اخرج احمد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردوية من طريق مجاهد عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآية : قل لا اسألكم على ما اتيتكم به من البينات والهدى اجرا إلّا ان تودوا الله وان تتقربوا اليه بطاعته.