الجنات وحرية المشيآت فيها ، وهي حصيلة الدعوة الرسالية الصعبة الملتوية ليل نهار ، ذكرى أنه لا يسألهم على هذا أجرا إلّا المودة في القربى وهي لهم ، وإلّا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا.
لقد كان الاستثناء منقطعا معنويا حيث المودة هذه لم تكن أجرا ، وإن كان متصلا لفظيا حيث سماها أجرا وما هي بأجر ، ثم وليس مجرد عدم تناول الأجر بل ويتناولون هم أجرا وزيادة (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ..)! ثم ومن بعد الأجر وزيادته غفرا وشكرا.
فخصيصة هذه المودّة أنها ليست أجرا له ، وهي لهم ، وهي السبيل إلى ربهم ، وليست القربى أشخاصا ، وإنما هي الأقربية إلى الرسول رساليا وإلى الله بعد الرسول معرفيا وعبوديا ، المتمثلة في الأئمة من عترته المعصومين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٢٤).
هذه الآية لا تمت بصلة لآية الأجر إلّا كونها موضع ريبة لجماعة من المسلمين ، كما القرآن كله عند الناكرين ، قولة في الجو الإسلامي الذي لم يسلم تماما عن الانحراف ممن ثقلت عليهم المودة في القربى (١) حيث قلبها
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٥٧٦ ح ٨٢ في تفسير علي بن ابراهيم بسند عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز وجل : قل لا اسألكم عليه اجرا .. الى ان قال : ففرض الله عليهم المودة في القربى فان أخذوا أخذوا مفروضا وان تركوا تركوا مفروضا قال : فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول : عرضنا عليه أموالنا فقال لا ـ قاتلوا عن اهل بيتي من بعدي وقالت طائفة : ما قال هذا رسول الله وجحدوه وقالوا كما حكى الله عز وجل : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) ـ فقال عز وجل : (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ ـ