(وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) بالنسبة لهم انه يصد كثيرا من كيد الظالمين عليهم فما تصيبهم هي قليل من كثير.
إن إصابات المؤمنين خير لهم وحظوة ، تنبيها في الدنيا وعفوا عن كثير في الدارين ف «ما عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدنيا إلّا كان أحلم وأجود وأمجد من أن يعود في عتابه يوم القيامة .. (١)
ومهما يكن من أمر فالمؤمنون المسيئون هم أظهر مصاديق هذه الآية ـ إذا ف «توقوا الذنوب فما من نكبة ولا نقص رزق إلّا بذنب حتى الخدش والكبوة والمصيبة ، فما زالت نعمة ولا نضارة عيش إلا بذنوب اجترحوها إن الله ليس بظلام للعبيد ، ولو أنهم استقبلوا ذلك بالدعاء والإنابة لما نزلت ، ولو أنهم إذا نزلت بهم النقم وزالت عنهم النعم فزعوا الى الله عز وجل بصدق من نياتهم ولم يهنوا ولم يسرفوا لأصلح لهم كل فاسد ولردّ عليهم كل صالح (٢).
وهذه سطوة إلهية على البر والمسيء والفاجر تطهيرا للحياة عما يقضي عليها ، وسنة إلهية للدعاة إلى الله تصبّرا على ما يصيبهم في سبيل الله ، فالإصابات إذا هي خيرات وألطاف خفية إلهية تصلح الحياة (٣) ولا رادّ لها
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٥٨٠ ح ٩٤ في تفسير علي بن ابراهيم عن الأصبغ بن نباته عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال : اني سمعته يقول : اني أحدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم ان يعيه ثم اقبل علينا فقال : ... ثم قال : وقد يبتلي الله عز وجل المؤمن بالبلية في بدنه او ماله او ولده او اهله ثم تلا هذه الآية (وَما أَصابَكُمْ ...).
(٢) نور الثقلين ٤ : ٥٨٢ ح ١٠١ في كتاب الخصال فيما علم امير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه من الأربعمائة باب مما يصلح المسلم في دينه ودنياه : توقوا ... والمصيبة قال الله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ ...) (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ) إذا عاهدتم» فما زلت ...
(٣) المصدر ح (١٠٥) عن اصول الكافي عن أبي السامة عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ