(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)(٢٦).
علّها من قيلة القرناء المقيّض لهم ، يزينون لهم كفرهم بمزيد هو اللغو في القرآن ، بعد أن كانوا به كافرين ، ولكي يغلبوا على دعوة القرآن ودعايته الجذابة الجلابة ، كيلا يقعوا ـ هم ـ او من سواهم ـ على حد زعمهم : في فخ القرآن ، ولا يصطادوا بصيده.
فالذين يكفرون بالقرآن يقتسمون إلى ثالوث النكران! ١ ـ نكرانا في أوّل مرة وقد يؤول إلى إيمان على ضوء سماع له أو استماعه وتسمّعه ، ٢ ـ ونكرانا عريقا بما سوّلت لهم أنفسهم وسول لهم الشيطان ثم يبعدون عنه فلا له ولا عليه ، ٣ ـ ومن ثم نكرانا يعني غلبهم على القرآن بمحاولات كلغو فيه أماذا من دوائر السوء ، يتربصونها بدعوة القرآن وليس إلّا عليهم (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) فلا «تغلبون» ولا عوان بين ذلك ، بل «تغلبون»! (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) لقرنائهم الكافرين ولمّا يصلوا ما وصلوا من عمقهم في كفرهم وحمقهم ، قالوا كلمتين اثنتين لهما تأثيرهما ردف بعض :! (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) فإنه يسحركم فيحملكم دونما اختيار إلى الإيمان ، علما منهم أنه يأخذ بازمة القلوب فيحركها إلى المطلوب.
ولماذا (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) والسمع متعد بنفسه ، والقرآن كتاب واحد لا يحتاج في شخصه وتشخيصه إلى اشارة التعريف؟
القرآن ـ في وجه عام ـ يشمل كل مقروّ وحيا وسواه (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) (٣٤ : ٣١) فالذي بين يديه قرآن غير هذا وحيا (قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ ..). (١٠ : ١٥) «غير هذا» وحيا يختلف عنه «أو بدله» من عند نفسك تحويرا عن وحيه (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ