أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(١٥).
فهذا القرآن بين قرائين الوحي وسواها هو الذي لا تسمعوا له.
وأما «لهذا» دون الى هذا؟ فلأن سماع القرآن قد يعني الهزء به واللغو فيه والرد عليه ، وأما السماع له فهو سماع خاص لصالح الهدف الذي يرام ، تدبرا فيه وتفكرا يحويه ، فالسماع له ممنوع ، وسماعه بين ممنوح وممنوع ، ومن الممنوح المفروض (وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) كلمة ثانية للذين كفروا.
فهنالك غلب بحجة تدحض حجة القرآن ولسنا عليها بقادرين ، فتحوّلا إلى لغو فيه كيلا يسمعه السامعون ، فكما أنتم لا تسمعون له ، اختلقوا جو اللّااستماع له (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) حجته بعدم بلوغها للناس ، ثم افتراءات عليه أنه سحر أو شعر أماذا من مبعّد عنه وهنالك الغلبة التامة.
وإنها كلمة مضللة وقالة قاحلة جاهلة من الكبراء القرناء المقيّض لهم ، يغرون بها الجماهير بعد ما عجزوا عن مغالبته بحجة «لا تسمعوا .. والغوا» سلب ثم إيجاب يتضمنان اجتثاث حجة القرآن ، مفاصلة بينهما وبين الإنس والجان وسائر المكلفين.
وإنها مهاترة ومكابرة عجزا عن المواجهة بالحجة ، والمقارعة ، عند الطغاة المستكبرين على الإيمان ، توسلا بكل الوسائل ، وتربصا بكل الدوائر (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)!
«هيهات هيهات لما يوعدون»! واللغو هو ما لا يعتد به من فعال او مقال ، ومن قيله صوت العصافير في مقياسنا إذ لا نفهمه ، ولكنه ليس لغوا بينها فانه محادثة وذكر لا نفهمها ، فاللاغي منا ـ على فهمه ـ هو ألغى من العصافير على حيونتها.