لغوهم في هذا القرآن خاسرين مهانين ، ومن ثم البرزخ والقيامة الكبرى فإن فيها نفس الجزاء بعد ذوقه.
و (الَّذِينَ كَفَرُوا) تعم الكبراء الأتباع ، و (أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) هو اللغو في القرآن وأضرابه من بالغ الكفر والتكذيب بآيات الله ، والجزاء هنا هو الأسوء نفسه ، إذ ليس جزاء بأسوء ، مما يتهدّدهم أن لغوهم في القرآن يبرز يوم القيامة بملكوته جزاء ف (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فهي من الآيات القائلة أن الجزاء هو العمل والعمل هو الجزاء ، فليس هنالك انتقام وانتصار ، بل هو ظهور ما كان خفيا (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).
(ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ)(٢٨).
«ذلك» البعيد المدى (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ) وهو «النار» (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) قدر ما أخلدوا إلى عداء الله «جزاء» وفاقا بما كانوا يكسبون.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ)(٢٩).
(الَّذِينَ كَفَرُوا) هنا هم التابعون و (الَّذَيْنِ أَضَلَّانا) هم القرناء المتبوعون ، يطلب الأولون ربهم أن يريهم الآخرين ليذلوهم ويسفلوهم.
وهل (الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) هما شخصان اثنان ، إبليس الجن وقابيل الإنس (١)؟ وليس قابيل مضلا لكلّ الكافرين مهما كان بادئ
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٣٦٣ ـ اخرج عبد الرزاق والفرياني وسعيد بن منصور وعبد بن حميد ـ