ليطمئنوهم على استقامتهم فيزدادوا قوامة على قوامة ، ثم (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) لا تفيدهم بشارة إلّا أن تكون قولة في الحياة الدنيا كما (وَفِي الْآخِرَةِ) لتكون زادهم في مسيرهم الشاق الطويل ، فلا يخافوا مستقبلهم الأخرى ، ولا يحزنوا على ما فاتهم في الأولى! أم إن بشارة الملائكة درجات بمختلف التنزلات كما استقامة المؤمنين درجات ، فقد يرونهم ويسمعونهم كالرعيل الأعلى وهم الأئمة الهداة ، أو يسمعونهم ولا يرونهم كمن حذى حذوهم من المخلصين ، أو يلهمون دون سماع ورؤية كالمؤمنين المتوسطين ، فمهما كان تنزلهم عند موتهم برؤية وسماع ، فلكلّ في حياته منزل من الملائكة حسب قابلياته ، فليس مثل ابن عباس ـ على مكانته ـ ممن يتنزل عليهم الملائكة نزولهم على العترة الطاهرة (١) مهما شملته البشارة الملائكية بين من استقاموا ، وما أظنه تشمله وقد تنحى عن نصرة الإمام المعصوم سيد الشهداء عليه آلاف التحية والثناء.
__________________
ـ ساداتك وأئمتك هم هناك جلاسك وأناسك أفما ترضى بهم بدلا من تفارق هنا؟ فيقول. بلى وربي فذلك ما قال الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) فما إمامكم من الأحوال فقد كفيتموها ولا تحزنوا على ما تخلفونه من الذراري والعيال فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدل منهم وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون وهذه منازلكم وهؤلاء ساداتكم اناسكم وجلاسكم».
(١) المصدر ٥٤٦ ح ٣٨ اصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال : بينا أبي جالس وعنده نفر إذ استضحك حتى اغرورقت عيناه دموعا ثم قال : هل تدرون ما اضحكني؟ قال : فقالوا : لا ـ قال : زعم ابن عباس انه من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فقلت له : هل رأيت الملائكة يا بن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا والآخرة من الأمن من الخوف والحزن؟ قال فقال : ان الله تبارك وتعالى يقول (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وقد دخل في هذا جميع الامة فاستضحكت ثم قلت : صدقت يا بن عباس ... أقول : لعل تصديقه (عليه السلام) قول ابن عباس تصديق لاصل دخوله في الآية دون رؤية الملائكة وسماعهم التي هي الدرجة العليا من تنزلهم.