ومهما كان أجلى المصاديق لمتنزل الملائكة مكانا هم الأئمة وزمانا هو الموت ، ولكنه لا يمنع شموله كل المستقيمين منذ استقاموا حتى الموت ويوم النشور ، أياما ثلاثة يعيشونها بهذه البشارة المشرفة ، وفي الحق (رَبُّنَا اللهُ) إذا قيل بحق يحمل كلما يتوجب على العبد تجاه الله ، إذ تشمل التربيات الإلهية كلها دونما استثناء ، ولا يمكن الاستقامة في (رَبُّنَا اللهُ) اللائقة لهذه البشارة إلّا أن تعني «قالوا» قولا نابعا عن علم ، نابغا بإيمان ، فالقولة الخالية عنها خاوية لا تحمل الاستقامة فيها إلّا خواء على خواء!
ثم الاستقامة تحمل بعد قوامة العلم والإيمان استدامة العمل الصالح الذي يتبعهما ، فالقول (رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) يتبنى مثلث العلم والإيمان والعمل الصالح بمراتبها.
وهذه البشارة تحمل كلا السلب والإيجاب جزاء من ربك عطاء حسابا عن (رَبُّنَا اللهُ) فإنها (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) سلبا بسلب وإيجابا بإيجاب.
فسلبها (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) خوفا عما يأتي وحزنا على ما أتى ، وإيجابها (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ..)! (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) هي زادهم من بدئهم إلى معادهم (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢ : ٣٨) (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢ : ١١٢) (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٣ : ١٧)!
(نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ..).
الولاية هنا المحبة والنصرة المساندة عل ضوء ولاية الله ، فللملائكة تأثيرات جلية وخفية في الأرواح البشرية المستقيمة على (رَبُّنَا اللهُ) بإلهامات ومكاشفات في مختلف المقامات والمكانات حسب القابليات والدرجات ،