بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) (١٣ : ٢٢ و ٢٨ : ٥٤) والعفو فيما لا يصلح بل ويفسد هو سيئة بدل كونها حسنة ، ف (لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ) في مواردها ، وكذلك السيئة التي تدفع بحسنة ، والتي تدرء بأية حسنة «لا تستوي السيئة» كذلك في مواردها ، ف (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) لا تعم مواردها ، لاختلاف السيآت ، (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) لا تعم لاختلاف الحسنات ، والسيئة التي تدفع بحسنة خير من حسنة لا تدفع سيئة بل وتزيدها ، فلأنه (لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) ف (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ما أمكن الدفع ، وإلّا ف (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)!
ثم الدفع بالتي هي أحسن ليس إلّا عن موضع القدرة ، فلئن أحس العدو موضع الضعف اخترم ولم يحترم ، ونفس الدفع يلمح إلى شريطة القدرة ، حيث العاجز لا يدفع ، لا بالتي هي أسوء ولا الأحسن ، فإنه ضعيف على أية حال ، (ادْفَعْ ... فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
هنالك دفع للسيئة وهو واقع بالتي هي أحسن وإن بقي العدو على عداءه كامنا ، وليس «انه ولي حميم» إنما (كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) يندفع عن ظاهر عداءه وإيذاءه كولي حميم ، وقد يدفعه إلى مرحلة (وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فالإصلاح درجات كما الإفساد دركات ، إذا دفعت بالأحسن ، بالفعل ينقلب الهياج والغضب إلى وداعة وسكينة ، والتّبجح إلى حياء ولينة ، وأنت ما دفعت إلّا بكلمة طيبة ، ونبرة هادئة ، وبسمة حانية أمّاهيه من التي هي أحسن حسب ما يقتضيه علاج الواقعة ، طريقة مثلي وحكمة عليا تدفع واقعة السوء بها ، وقليل هؤلاء الأعداء الذين يظلون على عدائهم وجاه تلكم الواجهة الوجيهة والخلق العظيم ، اللهم إلا عداء عريقا عميقا ممن لا يرجى ولايته وحمته على أية حال ، والهدف الرئيسي من التي هي أحسن دفع السيئة ، وإن بقيت العداء في باطنها ، ثم إزالة العداء ، ثم اجتلاب الحمة ، وأما إذا دفعت