قبله من كتاب بما بين يديه (١) وعلّه لأنه ينظر إليها نظرة تصديق ، إذ ليس بدعا من الكتب ، كما أن رسوله ما كان بدعا من الرسل! (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (٥ : ٤٨) إذا فالأصل في (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) ما نزل قبله.
ومما بين يديه ما كان حال نزوله من كتب وأشخاص ، فهو يشمل الماضي والحال ، ف «من خلفه» إذا يخص الاستقبال ، فهو في صيانة إلهية في مثلث الزمان عن أية دائرة سوء من الإنس والجان.
أترى لماذا (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ) دون «المبطل» والآتي إياه إبطالا له وإعطالا مبطل له وليس فقط الباطل؟
لأن المبطل ، المحاول لإبطاله ، قد أتاه ويأتيه على أية حال ، ولكنه لم يسطع ولن أن يبطل ، ف (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ) مهما أتاه المبطل او يأتيه ، إبطالا لمعجزته بما يفوقه أو يوازيه ، أو فصما لحجته بما يناوئه ويعاديه ، أو تحريفا وتجديفا بنقيصة عنه او زيادة فيه ، أمّاذا من باطل في ألفاظه ومعانيه ، في تأليفه وتركيبه ، فلا تعلق به الشبهة من طريق المشاكلة ، ولا الحقيقة من جهة المناقضة ، فهو الحق الخالص الواجب الذي لا يشوبه شائب ولا يلحقه طالب ، فلا يأتيه الباطل مهما أتاه المبطلون! فالشيطان
__________________
(١) كما في ٢ : ٩٧ ـ ٣ : ٣ ـ ٥ : ٤٨ ـ ٦ : ٩٢ ـ ١٠ : ٣٧ ـ ١٢ : ١١١ ـ ٣٤ : ٣١ ـ ٣٥ : ٣١ ـ ٤٦ : ٣٠ وفي نور الثقلين ٤ : ٥٥٣ ح ٦٧ ـ القمي وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ ..) يعني القرآن : لا يأتيه الباطل من بين يديه قال لا يأتيه الباطل من قبل التوراة والإنجيل والزبور ولا من خلفه اي لا يأتيه من بعده كتاب يبطله ، وفيه عن المجمع روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) في معنى الآية ليس في اخباره عما مضى باطل ولا في اخباره عما يكون في المستقبل باطل بل اخباره كلها موافقة لمخبراتها.