والإنسان لا يقدران على أن ينقصا منه حقا أو ينتقضاه ، ولا يزيدا فيه باطلا ويفتعلاه.
فأي كتاب في مثلث الزمان وأي إنس أو جان وأي تقدم في علم في مستقبل الزمان ، ليس ليبطل حجته أو ينقضها او ينقصها ، والكتابان في كل زمان تدوينا وتكوينا يجاوبانه ويؤيدان ، لأنه الإمام وسواه المأموم ، وهو العزيز وسواه تعزيز له أم لا يوازيه ، لأنه الذكر العزيز (.. تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) والمتدبر في القرآن يلمس منه هذه الحقيقة الخالصة ، من نصه وظاهره وإشارته ، يجدها في كل بساطة ويسر حقا ناصعا فطريا يخاطب أعماق الفطرة ويطبعها ويؤثر فيها عجيب التأثير.
أترى هذا (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ) من خلفه»؟ فما هو إتيان الباطل من بين يديه وليس المبطل إلّا في حال او استقبال؟ من إتيانه الباطل مما بين يديه تفوّقه على القرآن في لفظه أو معناه أو مغزاه وليس ، ومنه إخباره بكذبه كما القرآن يكذب كل ما يأتيه معه أو من بعده لأنه خاتمة الوحي ، ولا مبطل له في كتابات السماء فضلا عن سواها ، بل تصدقه (١) كما يصدقها ، تصادقا فائقا كالتصادق فيمن جاء بها.
فالقرآن في صيانة ذاتية وخارج الذات من كافة الجهات والجنبات ، حق ناصع ناصح ، خالص لائح ، فهو المرجع الوحيد في كل شارد ووارد ، لا ينوبه نائب ولا يشوبه شائب ، (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً).
__________________
(١) راجع كتابنا. «رسول الإسلام في الكتب السماوية» تجد فيه نصوصا من تصديق الكتب السماوية للقرآن ونبيه.