الثالث : الاستعداد الفطري لدي الامام موسي بن جعفر في استقبال ما يطرح عليه من المعضلات وهو في سن الصبا ، مما يعني تأثير النشأة المباركة في مسلكيته العلمية النادرة.
يقول الأستاذ محمدحسن آل ياسين :
«هكذا نشأ موسي بن جعفر في هذه البيئة المباركة الناصعة النقاء ، وفي تلك البيوت التي يعلو فيها ذكر الله أطراف الليل وآناء النهار ، وتتردد في جنباتها همسات التسبيح والتهليل ، وأصداء الابتهال والترتيل ، وينتشر منها علي الناس فيوض العلم النافع ، ودروس العمل الصالح ، وأمثولة الخلق الرفيع. وسرعان ما اكتملت خطوط رجولته الناطقة ، ومعالم شبابه الندي ، واتضحت للعيان صفاته الخلقية ومواهبه الخلقية وملكاته الذاتية علي نحو ممتاز لافت للنظر» (١).
حتي اذا انتقل الامام الصادق (عليهالسلام) الي الرفيق الأعلي عام (١٤٨ ه) استقل الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) بالامامة ، ونهد بأعباء القيادة ، فكان بطلها المجرب ، وعملاقها العظيم ، ورائد التحرر الاجتماعي ، ورافض الاستعباد الجماعي ، وناشر الفكر الانساني.
وكانت تطلعات الامام الرائدة تتقوم بعناصر حية تسعي الي اقامة المجتمع المتكامل بأساليب دفع ناهضة ، تبعثه من رقدة الجفاف والانكماش والتخدير الي صحوة الوعي والحرية ، وتطل به علي آفاق الأنشطة المتعددة في الموقف والتفكير ، وهو يتفجر بأنماط الحياة العاملة علي الايمان بقضية الانسان ، باعتباره نقطة الانطلاق في الكون.
__________________
(١) محمدحسن آل ياسين / الامام موسي بن جعفر / ٢٠.