في مملكة هارون الرشيد
ولي هارون الرشيد الملك في ربيع الامام سنة ١٧٠ ه ، ومات لليال خلت من جمادي الآخرة سنة ١٩٣ ه ، وقد امتدت خلافته ثلاثة وعشرين عاما (١).
وقد اتسعت رقعة الدولة الاسلامية في عصره اتساعا عريضا ، فضربت بأطنابها غربا وشرقا وجنوبا وشمالا ، فمن حدود البحر الأبيض المتوسط ومشارف البحر الأحمر حتي افريقيا ، ومن مضايق البسفور وبحر قزوين حتي أزبكستان وبخاري وسمرقند ، ومن شواطيء الخليج ومضارب الهند والسند حتي تخوم الصين. يضاف الي هذا كله الجزيرة العربية من أقصاها الي أدناها ، وهي مساحات واسعة اشتملت علي نصف العالم تقريبا ، حتي أثر عنه مخاطبا السحابة «حيثما تمطرين ففي ملكي ..».
وقد صدق بتعبيره عن سلطانه بأنه ملك ، فهو من أعتي الملوك وان تظاهر برقة القلب ، وهو من أقسي الجبابرة وان بدا بطيبة البريء ، وهو من أترف الحاكمين وان تجلبب برداء الزهد واظهار الورع ، وهو من المخططين البارزين لاقامة السلطة بقوة الحرب ، وحماية الملك بسفك الدماء.
وقد كان القلقشندي مهذب التعبير في رواية خطابه للسحب : «اذهبي
__________________
(١) ظ : اليعقوبي / التأريخ ٣ / ١٣٩ ، الطبري ٨ / ٢٣٠.