والميثاق ؛ (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) (١).
أمّا مطالبتها بفدك فقد كانت وسيلة لهذه الغاية ، وإلّا فما لفاطمة بنت محمّد وفدك ، وغير فدك ... إنّ الدّنيا بكاملها ليست من آل محمّد في شيء ، ولا هم منها في شيء ... هذا ، إلى أنّها كانت على علم من موقف الخليفة قبل أن تخاصمه ، وتحتجّ عليه ، فقد أخبرها أبوها بكلّ ما يجري عليها وعلى بعلها ، وأولادها من بعده ، وصرّحت هي بمعرفتها هذه في آخر الخطبة بقولها : «وقد قلت ما قلت على معرفة منّي بالخذلة الّتي خامرتكم والغدرة الّتي استشعرتها قلوبكم» (٢).
أنّها لا تريد فدكا ... وإنّما تريد أن ترسي أساس حقّ عليّ في الخلافة ، وتعلن للأجيال أنّ هذا الحقّ ركن من أركان الإسلام ، ودعامة من دعائمه ، ولا يهمها بعد هذا أن يصل بعلها إلى الخلافة أو لا يصل ، وإنّما المهم أن يعرف هذا الحقّ ، ويؤمن به كلّ من آمن بالله ونبّوّة محمّد ... وقد طعن معاوية على الإمام بأنّه أجبر على مبايعة من سبقه ، فأجابه : «ما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكّا في دينه» (٣).
أنّ الّذي لا يكترث بالأقاليم السّبعة ، تحت أفلاكها ، ويستهين بالحياة ، ويرى الشّهادة الفوز الأكبر ، لا يهتم بهذه الخلافة ، ومن تقمصّها ... وطبيعي أن لا يهتم
__________________
(١) البقرة : ٢٧ ، الرّعد : ٢٥.
(٢) انظر ، بلاغات النّساء لابن طيفور : ١٢ ـ ١٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٦ / ٢١٣ ، جواهر المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب لابن الدّمشقي : ١ / ١٦٠ ، شرح الأخبار : ٣ / ٣٦ ، السّقيفة وفدك للجوهري : ١٠٢ ، كشف الغمّة : ٢ / ١١٤ ، أعلام النّساء : ٣ / ١٢٠٨ ، مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٥٠.
(٣) انظر ، نهج البلاغة : الرّسالة (٢٨).