عليّ بالخلافة الّتي يتنافس عليها ابناء الدّنيا ما دام الحقّ يدور معه كيفما دار ... أنّ عليّا خليفة على كلّ حال ، لأنّ خلافته إلهية ، تماما كنبوّة محمّد لا يمكن أن يتولاها غيره ، أو ينتزعها أحد منه. وإذا جهل ، أو تجاهل هذه الحقيقة ، الّذي انقلب على عقبيه بعد نبيّه ، فقد وعدها وآمن بها الّذين ثبّتهم الله على الإيمان بإتّباع الرّسول وأهل بيته.
خطبت الزّهراء خطبتين : الأولى في المسجد الجامع ـ كما قدّمنا ـ والثّانية في نساء الأصحاب ، وقد جاء في هذه الخطبة :
«أصبحت والله عائفة لدنيا كنّ ، قالية لرجالكنّ ... (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) (١) ... فجدعا ، وعقرا ، وبعدا للقوم الظّالمين .. وما الّذي نقموا من أبي الحسن؟. نقموا والله نكير سيفه ، وقلة مبالاته بحتفه ، وشدّة وطأته ، وتنمره في ذات الله عزوجل ، وتالله لو مالوا عن المحجّة اللأئحة ، وزالوا عن قبول الحجّة الواضحة لردّهم إليها» (٢).
وتكلّمت ابنتها زينب بعد يوم كربلاء في ثلاثة مواقف :
الأوّل : حين دخلت السّبايا الكوفة ، واستقبلها الكوفيون والكوفيّات بالبكاء والعويل ، فارتجلت خطبة ، جاء فيها :
__________________
(١) المائدة : ٨٠.
(٢) انظر ، بلاغات النّساء لابن طيفور : ٢٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٦ / ٢٣٣ ، جواهر المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب لابن الدّمشقي : ١ / ١٦٦ ، شرح الأخبار : ٣ / ٣٦ ، السّقيفة وفدك للجوهري : ١٢٠ ، كشف الغمّة : ٢ / ١١٥ ، أعلام النّساء : ٣ / ١٢٠٨ ، مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٥٠ ، معاني الأخبار : ٣٥٥ ، أمالي الطّوسي : ٣٧٥ ، الإحتجاج للطّبرسي : ١ / ١٤٧ ، النّزاغ والتّخاصم : ١٠٠.