(وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٧١) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (٧٢)
____________________________________
المعلومات أو لكيلا يعلم شيئا بعد علم بذلك الشىء وقيل لئلا يعقل بعد عقله الأول شيئا (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) * بمقادير أعماركم (قَدِيرٌ) على كل شىء يميت الشاب النشيط ويبقى الهرم الفانى وفيه تنبيه على أن تفاوت* الآجال ليس إلا بتقدير قادر حكيم ركب أبنيتهم وعدل أمزجتهم على قدر معلوم ولو كان ذلك مقتضى الطبائع لما بلغ التفاوت هذا المبلغ (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) أى جعلكم متفاوتين فيه فأعطاكم منه أفضل مما أعطى مماليككم (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا) فيه على غيرهم (بِرَادِّي رِزْقِهِمْ) الذى رزقهم إياه (عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) على مماليكهم الذين هم شركاؤهم فى المخلوقية والمرزوقية (فَهُمْ) أى الملاك والمماليك (فِيهِ) * أى فى الرزق (سَواءٌ) أى لا يردونه عليهم بحيث يساوونهم فى التصرف ويشاركونهم فى التدبير والفاء* للدلالة على ترتيب التساوى على الرد أى لا يردونه عليهم ردا مستتبعا للتساوى وإنما يردون عليهم منه شيئا يسيرا فحيث لا يرضون بمساواة مماليكهم لأنفسهم وهم أمثالهم فى البشرية والمخلوقية لله عز سلطانه فى شىء لا يختص بهم بل يعمهم وإياهم من الرزق الذى هم أسوة لهم فى استحقاقه فما بالهم يشركون بالله سبحانه وتعالى فيما لا يليق إلا به من الألوهية والمعبودية الخاصة بذاته تعالى لذاته بعض مخلوقاته الذى هو بمعزل من درجة الاعتبار وهذا كما ترى مثل ضرب لكمال قباحة ما فعله المشركون تقريعا عليهم كقوله تعالى (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) الآية (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) حيث يفعلون* ما يفعلون من الإشراك فإن ذلك يقتضى أن يضيفوا نعم الله سبحانه الفائضة عليهم إلى شركائهم ويجحدوا كونها من عند الله تعالى أو حيث أنكروا أمثال هذه الحجج البالغة بعد ما أنعم الله بها عليهم والباء لتضمين الجحود معنى الكفر نحو (وَجَحَدُوا بِها) والفاء للعطف على مقدر وهى داخلة فى المعنى على الفعل أى أيشركون به فيجحدون نعمته وقرىء تجحدون على الخطاب أو ليس الموالى برادى رزقهم على مماليكهم بل أنا الذى أرزقهم وإياهم فلا يحسبوا أنهم يعطونهم شيئا وإنما هو رزقى أجريه على أيدهم فهم جميعا فى ذلك سواء لا مزية لهم على مماليكهم ألا يفهمون ذلك فيجحدون نعمة الله فهو رد على زعم المفضلين أو على فعلهم المؤذن بذلك أو ما المفضلون برادى بعض فضلهم على مماليكهم فيتساووا فى ذلك جميعا مع أن التفضيل ليس إلا ليبلوهم أيشكرون أم يكفرون ألا يعرفون ذلك فيجحدون نعمة الله تعالى كأنه قيل فلم يردوه علمهم والجملة الاسمية للدلالة على استمرارهم على عدم الرد يحكى عن أبى ذر رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول إنما هم إخوانكم فاكسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تطعمون فما رؤى عبده بعد ذلك إلا ورداؤه رداؤه وإزاره إزاره من غير تفاوت (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) أى