أى مضيئة يبصر فيها الأشياء وصفا لها بحال أهلها أو مبصرة للناس من أبصره فبصره وإما حقيقية وآية الليل والنهار نيراهما ومحو القمر إما خلقه مطموس النور فى نفسه فالفاء كما ذكر وإما نقص ما استفاده من الشمس شيئا فشيئا إلى المحاق على ما هو معنى المحو والفاء للتعقيب وجعل الشمس مبصرة إبداعها* مضيئة بالذات ذات أشعة تظهر بها الأشياء المظلمة (لِتَبْتَغُوا) متعلق بقوله تعالى (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ) كما أشير* إليه أى وجعلناها مضيئة لتطلبوا لأنفسكم فى بياض النهار (فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) أى رزقا إذ لا يتسنى ذلك فى الليل وفى التعبير عن الرزق بالفضل وعن الكسب بالابتغاء والتعرض لصفة الربوبية المنبئة عن التبليغ إلى الكمال شيئا فشيئا دلالة على أن ليس للعبد فى تحصيل الرزق تأثير سوى الطلب وإنما الإعطاء إلى الله* سبحانه لا بطريق الوجوب عليه بل تفضلا بحكم الربوبية (وَلِتَعْلَمُوا) متعلق بكلا الفعلين أعنى محو آية الليل وجعل آية النهار مبصرة لا بأحدهما فقط إذ لا يكون ذلك بانفراده مدارا للعلم المذكور أى لتعلموا بتفاوت الجديدين أو نيريهما ذاتا من حيث الإظلام والإضاءة مع تعاقبهما أو حركاتهما وأوضاعهما* وسائر أحوالهما (عَدَدَ السِّنِينَ) التى يتعلق بها غرض علمى لإقامة مصالحكم الدينية والدنيوية (وَالْحِسابَ) أى الحساب المتعلق بما فى ضمنها من الأوقات أى الأشهر والليالى والأيام وغير ذلك مما نيط به شىء من المصالح المذكورة ونفس السنة من حيث تحققها مما ينتظمه الحساب وإنما الذى تعلق به العد طائفة منها وتعلقه فى ضمن ذلك بكل واحدة منها ليس من الحيثية المذكورة أعنى حيثية تحققها وتحصلها من عدة أشهر قد تحصل كل واحد منها من عدة أيام قد حصل كل منها بطائفة من الساعات مثلا فإن ذلك وظيفة الحساب بل من حيث إنها فرد من تلك الطائفة المعدودة يعدها أى يفنيها من غير أن يعتبر فى ذلك تحصل شىء معين وتحقيقه ما مر فى سورة يونس من أن الحساب إحصاء ماله كمية منفصلة بتكرير أمثاله من حيث يتحصل بطائفة معينة منها حد معين منه له اسم خاص وحكم مستقل كما أشير إليه آنفا والعد إحصاؤه بمجرد تكرير أمثاله من غير أن يتحصل منه شىء كذلك ولما أن السنين لم يعتبر فيها حد معين له اسم خاص وحكم مستقل أضيف إليها الغدد وعلق الحساب بما عداها مما اعتبر فيه تحصل مراتب معينة لها أسام خاصة وأحكام مستقلة وتحصل مراتب الأعداد من العشرات والمئات والألوف اعتبارى لا يجدى فى تحصل المعدودات وتقديم العدد على الحساب مع أن الترتيب بين متعلقيهما وجودا وعلما على العكس للتنبيه من أول الأمر على أن متعلق الحساب ما فى تضاعيف السنين من الأوقات أو لأن العلم المتعلق بعدد السنين علم إجمالى بما تعلق به الحساب تفصيلا أو لأن العدد من حيث أنه لم يعتبر فيه تحصل شىء آخر منه حسبما ذكر نازل من الحساب المعتبر فيه ذلك منزلة البسيط من المركب أو لأن العلم المتعلق بالأول أقصى* المراتب فكان جديرا بالتقديم فى مقام الامتنان والله سبحانه أعلم (وَكُلَّ شَيْءٍ) تفتقرون إليه فى المعاش والمعاد سوى ما ذكر من جعل الليل والنهار آيتين وما يتبعه من المنافع الدينية والدنيوية وهو منصوب* بفعل يفسره قوله تعالى (فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) أى بيناه فى القرآن الكريم بيانا بليغا لا التباس معه كقوله تعالى (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) فظهر كونه هاديا للتى هى أقوم ظهورا بينا.