(وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (٣٣) وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) (٣٤)
____________________________________
عنه بين النهى عن قتل الأولاد والنهى عن قتل النفس المحرمة على الإطلاق باعتبار أنه قتل للأولاد* لما أنه تضييع للأنساب فإن من لم يثبت نسبه ميت حكما (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) فعلة ظاهرة القبح متجاوزة عن* الحد (وَساءَ سَبِيلاً) أى بئس طريقا طريقه فإنه غصب الأبضاع المؤدى إلى اختلال أمر الأنساب وهيجان الفتن كيف لا وقد قال النبى صلىاللهعليهوسلم إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان على رأسه كالظلة فإذا انقطع رجع إليه وقال صلىاللهعليهوسلم لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن وعن حذيفة رضى الله عنه أنه قال صلىاللهعليهوسلم إياكم والزنا فإن فيه ست خصال ثلاث فى الدنيا وثلاث فى الآخرة فأما التى فى الدنيا فذهاب البهاء ودوام الفقر وقصر العمر وأما التى فى الآخرة فسخط الله تعالى وسوء الحساب والخلود فى النار (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) قتلها بأن عصمها بالإسلام أو بالعهد (إِلَّا بِالْحَقِّ) إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس معصومة عمدا فالاستثناء مفرغ أى لا تقتلوها بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق أو ملتبسين أو ملتبسة بشىء من الأشياء ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف أى لا تقتلوها قتلا ما إلا قتلا ملتبسا* بالحق (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً) بغير حق يوجب قتله أو يبيحه للقاتل حتى إنه لا يعتبر إباحته لغير القاتل فإن من عليه القصاص إذا قتله غير من له القصاص يقتص له ولا يفيده قول الولى أنا أمرته بذلك ما لم يكن* الأمر ظاهرا (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ) لمن يلى أمره من الوارث أو السلطان عند عدم الوارث (سُلْطاناً) * تسلطا واستيلاء على القاتل يؤاخذه بالقصاص أو بالدية حسبما تقتضيه جنايته أو حجة غالبة (فَلا يُسْرِفْ) وقرىء لا نسرف (فِي الْقَتْلِ) أى لا يسرف الولى فى أمر القتل بأن يتجاوز الحد المشروع بأن يزيد عليه المثلة أو بأن يقتل غير القاتل من أقاربه أو بأن يقتل الاثنين مكان الواحد كما يفعله أهل الجاهلية أو بأن* يقتل القاتل فى مادة الدية وقرىء بصيغة النفى مبالغة فى إفادة معنى النهى (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) تعليل للنهى والضمير للولى على معنى أنه تعالى نصره بأن أوجب له القصاص أو الدية وأمر الحكام بمعونته فى استيفاء حقه فلا يبغ ماوراء حقه ولا يستزد عليه ولا يخرج من دائرة أمر الناصر أو للمقتول ظلما على معنى أنه تعالى نصره بما ذكر فلا يسرف وليه فى شأنه أو للذى يقتله الولى ظلما وإسرافا ووجه التعليل ظاهر وعن مجاهد أن الضمير فى لا يسرف للقاتل الأول ويعضده قراءة فلا تسرفوا والضميران فى التعليل عائدان إلى الولى أو المقتول فالمراد بالإسراف حينئذ إسراف القاتل على نفسه بتعريضه لها للهلاك العاجل والآجل لا الإسراف وتجاوز الحد فى القتل أى لا يسرف على نفسه فى شأن القتل كما فى قوله تعالى (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) نهى عن قربانه لما ذكر من المبالغة فى النهى