(فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) (٦٩)
____________________________________
نَبْغِ) وقرىء بإثبات الياء والضمير العائد إلى الموصول محذوف أصله نبغيه أى نطلبه لكونه أمارة للفوز* بالمرام (فَارْتَدَّا) أى رجعا (عَلى آثارِهِما) طريقهما الذى جاء امنه (قَصَصاً) يقصان قصصا أى يتبعان آثارهما إتباعا أو مقتصين حتى أتيا الصخرة (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا) التنكير للتفخيم والإضافة للتشريف* والجمهور على أنه الخضر واسمه بليا بن ملكان وقيل اليسع وقيل إلياس عليهم الصلاة والسلام (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) هى الوحى والنبوة كما يشعر به تنكير الرحمة واختصاصها بجناب الكبرياء (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) خاصا لا يكتنه كنهه ولا يقادر قدره وهو علم الغيوب (قالَ لَهُ مُوسى) استئناف مبنى على* سؤال نشأ من السباق كأنه قيل فماذا جرى بينهما من الكلام فقيل قال له موسى (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ) * استئذانا منه فى اتباعه له على وجه التعلم (مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) أى علما ذا رشد أرشد به فى دينى والرشد إصابة الخير وقرىء بفتحتين وهو مفعول تعلمن ومفعول علمت محذوف وكلاهما منقول من علم المتعدى إلى مفعول واحد ويجوز كونه علة لأتبعك أو مصدرا بإضمار فعله ولا ينافى نبوته وكونه صاحب شريعة أن يتعلم من نبى آخر مالا تعلق له بأحكام شريعته من أسرار العلوم الخفية ولقد راعى فى سوق الكلام غاية التواضع معه عليهماالسلام(قالَ) أى الخضر (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) نفى عنه استطاعة الصبر معه على وجه التأكيد كأنه مما لا يصح ولا يستقيم وعلله بقوله (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) إيذانا بأنه يتولى امورا خفية المدار منكرة الظواهر والرجل الصالح لا سيما صاحب الشريعة لا يتمالك أن يشمئز عند مشاهدتها وفى صحيح البخارى قال الخضر يا موسى إنى على علم من علم الله تعالى علمنيه لا تعلمه وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه وخبرا تمييز أى لم يحط به خبرك (قالَ) موسى عليه الصلاة* والسلام (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) معك غير معترض عليك وتوسيط الاستثناء بين مفعولى الوجدان* لكمال الاعتناء بالتيمن ولئلا يتوهم تعلقه بالصبر (وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) عطف على صابرا أى ستجدنى صابرا وغير عاص وفى وعد هذا الوجدان من المبالغة ما ليس فى الوعد بنفس الصبر وترك العصيان أو على ستجدنى فلا محل له من الإعراب والأول هو الأولى لما عرفته ولظهور تعلقه بالاستثناء حينئذ وفيه دليل على أن أفعال العباد بمشيئة الله سبحانه وتعالى.