(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) (٣٨)
____________________________________
لكم إلى إنكاره لإطباق جميع الأنبياء والكتب على ذلك كقوله تعالى (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) فما لكم تشركون به عزير او المسيح وقرىء ولا* أشرك به بالرفع على الاستئناف أى وأنا لا أشرك به (إِلَيْهِ) إلى الله تعالى خاصة على النهج المذكور من التوحيد* أو إلى ما أمرت به من التوحيد (أَدْعُوا) الناس لا إلى غيرة أولا إلى شىء آخر مما لم يطبق عليه الكتب الإلهية* والأنبياء عليهم الصلاة والسلام فما وجه إنكاركم (وَإِلَيْهِ) إلى الله تعالى وحده (مَآبِ) مرجعى للجزاء وحيث كانت هذه الحجة الباهرة لازمة لهم لا يجدون عنها محيصا أمر عليه الصلاة والسلام بأن يخاطبهم بذلك إلزاما وتبكيتا لهم ثم شرع فى رد إنكارهم لفروع الشرائع الواردة ابتداء أو بدلا من الشرائع المنسوخة ببيان الحكمة فى ذلك فقيل (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ) أى ما أنزل إليك وذلك إشارة إلى مصدر أنزلناه أو أنزل إليك ومحله النصب على المصدرية أى مثل ذلك الإنزال البديع المنتظم لأصول مجمع عليها وفروع* متشعبة إلى موافقة ومخالفة حسبما تقتضيه قضية الحكمة والمصلحة أنزلناه (حُكْماً) حاكما يحكم فى القضايا والواقعات بالحق أو يحكم به كذلك والتعرض لذلك العنوان مع أن بعضه ليس بحكم لتربية وجوب* مراعانه وتحتم المحافظة عليه (عَرَبِيًّا) مترجما بلسان العرب والتعرض لذلك للإشارة إلى أن ذلك إحدى مواد المخالفة للكتب السابقة مع أن ذلك مقتضى الحكمة إذ بذلك يسهل فهمه وإدارك إعجازه والاقتصار على اشتمال الإنزال على أصول الديانات المجمع عليها حسبما يفيده قوله تعالى (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ) الخ بأباه التعرض لاتباع أهوائهم وحديث المحو والإثبات وأن لكل أجل كتاب فإن المجمع عليه لا يتصور* فيه الاستتباع والإتباع (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) التى يدعونك إليها من تقرير الأمور المخالفة لما أنزل* إليك من الحق كالصلاة إلى بيت المقدس بعد التحويل (بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) العظيم الشأن الفائض* من ذلك الحكم العربى أو العلم بمضمونه (ما لَكَ مِنَ اللهِ) من جنابه العزيز والالتفات من التكلم إلى الغيبة وإيراد الاسم الجليل لتربية المهابة قال الأزهرى لا يكون إلها حتى يكون معبودا وحتى يكون خالقا ورازقا* ومدبرا (مِنْ وَلِيٍّ) بلى أمرك وينصرك على من يبغيك الغوائل (وَلا واقٍ) يقيك من مصارع السوء وحيث لم يستلزم نفى الناصر على العدو نفى الواقى من نكايته أدخل على المعطوف حرف النفى للتأكيد كقولك مالى دينار ولا درهم أو مالك من بأس الله من ناصر وواق لاتباعك أهواءهم وأمثال هاتيك القوارع إنما هى لقطع أطماع الكفرة وتهييج المؤمنين على الثبات فى الدين واللام فى لئن موطئة ومالك ساد مسد جوابى الشرط والقسم (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً) كثيرة كائنة (مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً)