(فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) (٢٦)
____________________________________
لما ينقض وبالفتح مصدر سمى به المفعول مبالغة وقرىء بهما مهموزا من نسأت اللبن إذا صببت عليه الماء* فصار مستهلكا فيه وقرىء نساكعصا (مَنْسِيًّا) لا يخطر ببال أحد من الناس وهو نعت للمبالغة وقرىء بكسر الميم اتباعا له بالسين (فَناداها) أى جبريل عليهالسلام (مِنْ تَحْتِها) قيل أنه كان يقبل الولد وقيل من تحتها أى من مكان أسفل منها تحت الأكمة وقيل من تحت النخلة وقيل ناداها عيسى عليهالسلام وقرىء* فخاطبها من تحتها بفتح الميم (أَلَّا تَحْزَنِي) أى لا تحزنى على أن أن مفسرة أو بأن لا تحزنى على أنها مصدرية* قد حذف عنها الجار (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ) أى بمكان أسفل منك وقيل تحت أمرك إن أمرت بالجرى* جرى وإن أمرت بالإمساك أمسك (سَرِيًّا) أى نهرا صغيرا حسبما روى مرفوعا قال ابن عباس رضى الله عنه إن جبريل عليهالسلام ضرب برجله الأرض فظهرت عين ماء عذب فجرى جدولا وقيل فعله عيسى عليهالسلام وقيل كان هناك نهر يابس أجرى الله عزوجل فيه الماء حينئذ كما فعل مثله بالنخلة فإنها كانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا ورق فضلا عن الثمر وكان الوقت شتاء فجعل الله لها إذ ذاك رأسا وخوصا وثمرا وقيل كان هناك ماء جار والأول هو الموافق لمقام بيان ظهور الخوارق والمتبادر من النظم الكريم وقيل سريا أى سيدا نبيلا رفيع الشأن جليلا وهو عيسى عليهالسلام فالتنوين للتفخيم والجملة تعليل لانتفاء الحزن المفهوم من النهى عنه والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميرها لتشريفها وتأكيد التعليل وتكميل التسلية (وَهُزِّي) هز الشىء تحريكه إلى الجهات المتقابلة تحريكا عنيفا متداركا والمراد ههنا ما كان* منه بطريق الجذب والدفع لقوله تعالى (إِلَيْكِ) أى إلى جهتك والباء فى قوله عز وعلا (بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) صلة للتأكيد كما فى قوله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ) الخ قال الفراء تقول العرب هزه وهز به وأخذ الخطام وأخذ بالخطام أو لألصاق الفعل بمدخولها أى افعلى الهز بجذعها أو هزى الثمرة بهزه وقيل هى متعلقة* بمحذوف وقع حالا من مفعول الهز أى هزى إليك الرطب كائنا بجذعها (تُساقِطْ) أى تسقط النخلة* (عَلَيْكِ) إسقاطا متواترا حسب تواتر الهز وقرىء تسقط ويسقط من الإسقاط بالتاء والياء وتتساقط بإظهار التاءين وتساقط بطرح الثانية وتساقط بإدغامها فى السين ويساقط بالياء كذلك وتسقط ويسقط من* السقوط على أن التاء فى الكل للنخلة والياء للجذع وقوله تعالى (رُطَباً) على القراءات الثلاث الأول مفعول* وعلى الست البواقى تمييز وقوله تعالى (جَنِيًّا) صفة له وهو ما قطع قبل يبسه فعيل بمعنى مفعول أى رطبا مجنيا أى صالحا للاجتناء وقيل بمعنى فاعل أى طريا طيبا وقرىء جنيا بكسر الجيم للاتباع (فَكُلِي وَاشْرَبِي)