(ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٣٨)
____________________________________
ومعناه كلمة الله وقرىء قال الحق وقول الحق فإن القول والقال فى معنى واحد (الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) أى* يشكون أو يتنازعون فيقول اليهود ساحر والنصارى ابن الله وقرىء بتاء الخطاب (ما كانَ لِلَّهِ) أى ما صح وما استقام له تعالى (أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ) تكذيب للنصارى وتنزيه له تعالى عما بهتوه وقوله تعالى (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) تبكيت لهم ببيان أن شأنه تعالى إذا قضى أمرا من الأمور أن يعلق به إرادته فيكون حينئذ بلا تأخير فمن هذا شأنه كيف يتوهم أن يكون له ولد وقرىء فيكون بالنصب على الجواب وقوله تعالى (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) من تمام كلام عيسى عليهالسلام قيل هو عطف على قوله (إِنِّي عَبْدُ اللهِ) داخل تحت القول وقد قرىء بغير واو وقرىء بفتح الهمزة على حذف اللام أى ولأنه تعالى ربى وربكم فاعبدوه كقوله تعالى (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) وقيل معطوف على الصلاة (هذا) أى الذى ذكرته من التوحيد (صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) لا يضل سالكه والفاء فى قوله تعالى (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها تنبيها على سوء صنيعهم بجعلهم ما يوجب الاتفاق منشأ للاختلاف فإن ما حكى من مقالات عيسى عليهالسلام مع كونها نصوصا قاطعة فى كونه عبده تعالى ورسوله قد اختلفت اليهود والنصارى بالتفريط والإفراط أو فرق النصارى فقالت النسطورية هو ابن الله وقالت اليعقوبية هو الله هبط إلى الأرض ثم صعد إلى السماء تعالى عن ذلك علوا كبيرا وقالت الملكانية هو عبد الله ونبيه (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) وهم المختلفون عبر عنهم بالموصول إيذانا بكفرهم جميعا وإشعارا بعلة الحكم (مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) أى من شهود يوم عظيم الهول والحساب والجزاء وهو يوم القيامة أو من وقت شهوده أو من مكان الشهود فيه أو من شهادة ذلك اليوم عليهم وهو أن يشهد عليهم الملائكة والأنبياء عليهمالسلام وألسنتهم وآذانهم وأيديهم وأرجلهم وسائر آرايهم بالكفر والفسوق أو من وقت الشهادة أو من مكانها وقيل هو ما شهدوا به فى حق عيسى وأمه عليهماالسلام(أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) تعجب من حدة سمعهم وأبصارهم يومئذ ومعناه أن أسماعهم وأبصارهم (يَوْمَ يَأْتُونَنا) للحساب والجزاء أى يوم القيامة جدير بأن يتعجب منها بعد أن كانوا فى الدنيا صما عميا أو تهديد بما سيسمعون ويبصرون يومئذ وقيل أمر بأن يسمعهم ويبصرهم مواعيد ذلك اليوم وما يحيق بهم فيه والجار والمجرور على الأول فى موقع الرفع وعلى الثانى فى حين النصب (لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ) أى فى الدنيا*