(وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (٨٠) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) (٨٢)
____________________________________
* كتابة جريمة المجرم سبب لعقوبته قطعا (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) مكان ما يدعيه لنفسه من الإمداد بالمال والولد أى نطول له من العذاب ما يستحقه أو نزيد عذابه ونضاعفه له لكفره وافترائه على الله سبحانه واستهزائه بآياته العظام ولذلك أكد بالمصدر دلالة على فرط الغضب (وَنَرِثُهُ) بموته (ما يَقُولُ) أى مسمى ما يقول ومصداقه وهو ما أوتيه فى الدنيا من المال والولد وفيه إيذان بأنه ليس لما يقوله مصداق موجود سوى ما ذكر أى ننزع عنه ما آتيناه (وَيَأْتِينا) يوم القيامة (فَرْداً) لا يصحبه مال ولا ولد كان له فى الدنيا فضلا أن يؤتى ثمة زائدا وقيل نزوى عنه ما زعم أنه يناله فى الآخرة ونعطيه ما يستحقه ويأباه معنى الإرث وقيل المراد بما يقول نفس القول المذكور لا مسماه والمعنى إنما يقول هذا القول مادام حيا فإذا قبضناه حلنا بينه وبين أن يقوله ويأتينا رافضا له منفردا عنه وأنت خبير بأن ذلك مبنى على أن صدور القول المذكور عنه بطريق الاعتقاد وأنه مستمر على التفوه به راج لوقوع مضمونه ولا ريب فى أن ذلك مستحيل ممن كفر بالبعث وإنما قال ما قال بطريق الاستهزاء وتعليق أداء دينه بالمحال (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً) حكاية لجناية عامة للكل مستتبعة لضد ما يرجعون ترتبه عليها إثر حكاية مقالة الكافر المعهود واستتباعها لنقيض مضمونها أى اتخذوا الأصنام آلهة متجاوزين الله تعالى (لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) أى ليتعززوا بهم بأن يكونوا لهم وصلة إليه عزوجل وشفعاء عنده (كَلَّا) ردع لهم عن ذلك الاعتقاد الباطل وإنكار لوقوع ما علقوا به أطماعهم الفارغة (سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ) أى ستجحد الآلهة بعبادتهم لها بأن ينطقها الله تعالى وتقول ما عبدتمونا أو سينكر الكفرة حين شاهدوا سوء عاقبة كفرهم عبادتهم لها كما فى قوله تعالى (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ومعنى قوله تعالى (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) على الأول تكون الآلهة التى كانوا يرجون أن تكون لهم عزا ضدا للعز أى ذلا وهوانا أو تكون عونا عليهم وآلة لعذابهم حيث تجعل وقود النار وحصب جهنم أو حيث كانت عبادتهم لها سببا لعذابهم وإطلاق الضد على العون لما أن عون الرجل يضاد عدوه وينافيه بإعانته له عليه وعلى الثانى يكون الكفرة ضدا وأعداء للآلهة كافرين بها بعد أن كانوا يحبونها كحب الله ويعبدونها وتوحيد الضد لوحدة المعنى الذى عليه تدور مضادتهم فإنهم بذلك كشىء واحد كما فى قوله عليهالسلام وهم يد على من سواهم وقرىء كلا بفتح الكاف والتنوين على قلب الألف نونا فى الوقف قلب ألف الإطلاق فى قوله[أقلى اللوم عاذل والعتابن * وقولى إن أصبت لقد أصابن] أو على معنى كل هذا الرأى كلا وقرىء كلا على إضمار فعل يفسره ما بعده أى سيجحدون كلا سيكفرون الخ.