(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١) وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) (٤٢)
____________________________________
* ابن تسع وتسعين سنة وولد له إسحق وهو ابن مائة واثنتى عشرة سنة أو مائة وسبع عشرة سنة (إِنَّ رَبِّي) * ومالك أمرى (لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) لمجيبه من قولهم سمع الملك كلامه إذا اعتد به وهى من أبنية المبالغة العاملة عمل الفعل أضيف إلى مفعوله أو فاعله بإسناد السماع إلى دعاء الله تعالى مجازا وهو مع كونه من تتمة الحمد والشكر إذ هو وصف له تعالى بأن ذلك الجميل سنته المستمرة تعليل على طريقة التذييل للهبة المذكورة وفيه إيذان بتضاعف النعمة فيها حيث وقعت بعد الدعاء بقوله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) فاقترنت الهبة بقبول الدعوة وتوحيد ضمير المتكلم وإن كان عقيب ذكر هبتهما لما أن نعمة الهبة فائضة عليه خاصة وهما من النعم لا من المنعم عليهم (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ) مثابرا عليها معدلا لها* وتوحيد ضمير المتكلم مع شمول دعوته لذريته أيضا حيث قال (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) أى بعضهم من المذكورين ومن يسير سيرتهما من أولادهما للإشعار بأنه المقتدى فى ذلك وذريته أتباع له وأن ذكرهم بطريق الاستطراد لا كما فى قوله (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ) الخ فإن إسكانه مع عدم تحققه بلا ملابسة لمن أسكنه إنما هو مذكور بطريق التمهيد للدعاء الذى هو مخصوص بذريته وإنما خص هذا الدعاء ببعض ذريته لعلمه من جهة الله تعالى أن بعضا منهم لا يكون مقيم الصلاة كقوله تعالى (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) أى دعائى هذا المتعلق بجعلى وجعل بعض ذريتى مقيمى الصلاة ثابتين على ذلك مجتنبين عن عبادة الأصنام ولذلك جىء بضمير الجماعة (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي) أى ما فرط منى من ترك* الأولى فى باب الدين وغير ذلك مما لا يسلم منه البشر (وَلِوالِدَيَّ) وقرىء بالتوحيد ولأبوى وهذا الاستغفار منه عليهالسلام إنما كان قبل تبين الأمر له عليهالسلام وقيل أراد بوالديه آدم وحواء وقيل بشرط الإسلام ويرده قوله تعالى (إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ) الآية وقد مر فى سورة التوبة نوع تحقيق للمقام* وسيأتى تمامه فى سورة مريم بفضل الله تعالى (وَلِلْمُؤْمِنِينَ) كافة من ذريته وغيرهم وللإيذان باشتراك الكل* فى الدعاء بالمغفرة جىء بضمير الجماعة (يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) أى يثبت ويتحقق محاسبة أعمال المكلفين على وجه العدل استعير له من ثبوت القائم على الرجل بالاستقامة ومنه قامت الحرب على ساق والمراد تهويله وقيل أسند إليه قيام أهله مجازا أو حذف المضاف كما فى واسأل القرية واعلم أن ما حكى عنه عليهالسلام من الأدعية والأذكار وما يتعلق بها ليس بصادر عنه على الترتيب المحكى ولا على وجه المعية بل صدر عنه فى أزمنة متفرقة حكى مرتبا للدلالة على سوء حال الكفرة بعد ظهور أمره فى الملة وإرشاد الناس إليها والتضرع إلى الله تعالى لمصالحهم الدينية والدنيوية (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) خطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم والمراد تثبيته على ما كان عليه من عدم حسبانه عزوجل كذلك نحو قوله (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ