(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧) اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) (٨)
____________________________________
بهم والجملة الحالية لبيان ركاكة رأيهم فى الاستعجال بطريق الاستهزاء أى يستعجلونك بها مستهزئين بإنذارك منكرين لوقوع ما أنذرتهم إياه والحال أنه قد مضت العقوبات النازلة على أمثالهم من المكذبين والمستهزئين والمثلة بوزن السمرة العقوبة سميت بها لما بينها وبين المعاقب عليه من المماثلة ومنه المثال القصاص وقرىء المثلات بضمتين باتباع الفاء العين والمثلات بفتح الميم وسكون الثاء كما يقال السمرة والمثلات بضم الميم وسكون الثاء تخفيف المثلات جمع مثلة كركبة وركبات (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) عظيمة (لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) أنفسهم بالذنوب والمعاصى ومحله النصب على الحالية أى ظالمين والعامل فيه المغفرة والمعنى إن ربك لغفور للناس لا يعجل لهم العقوبة وإن كانوا ظالمين بل يمهلهم بتأخيرها (وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) يعاقب من يشاء منهم حين يشاء فتأخير ما استعجلوه ليس للإهمال وعنه عليه الصلاة والسلام لو لا عفو الله وتجاوزه ما هنأ لأحد العيش ولو لا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وهم المستعجلون أيضا وإنما عدل عن الإضمار إلى الموصول ذما لهم ونعيا عليهم كفرهم بآيات الله تعالى التى تخر لهاصم الجبال حيث لم يرفعوا لها رأسا ولم يعدوها من جنس الآيات وقالوا (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) مثل آيات موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام عنادا ومكابرة وإلا ففى أدنى آية أنزلت عليه عليه الصلاة والسلام غنية وعبرة لأولى الألباب (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) مرسل للإنذار من سوء عاقبة ما يأتون* ويذرون كدأب من قبلك من الرسل وليس عليك إلا الإتيان بما يعلم به نبوتك وقد حصل ذلك بما لا مزيد عليه ولا حاجة إلى إلزامهم وإلقامهم الحجر بالإتيان بما اقترحوا من الآيات (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) معين لا* بالذات بل بعنوان الهداية يعنى لكل قوم نبى مخصوص له هداية مخصوصة يقتضى اختصاص كل مهم بما يختص به حكم لا يعلمها إلا الله أو لكل قوم هاد عظيم الشأن قادر على ذلك هو الله سبحانه وما عليك إلا إنذارهم فلا يهمنك عنادهم وإنكارهم للآيات المنزلة عليك وازدراؤهم بها ثم عقبه بما يدل على كمال علمه وقدرته وشمول قضائه وقدره المبنيين على الحكم والمصالح تنبيها على أن تخصيص كل قوم بنبى وكل نبى بجنس معين من الآيات إنما هو للحكم الداعية إلى ذلك إظهار الكمال قدرته على هدايتهم لكن لا يهدى إلا من تعلق بهدايته مشيئته التابعة لحكم استأثر بعلمها فقال (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) أى تحمله فما موصولة أريد بها ما فى بطنها من حين العلوق إلى زمن الولادة لا بعد تكامل الخلق فقط والعلم متعد إلى واحد أو أى شىء تحمل وعلى أى حال هو من الأحوال المتواردة عليه طورا فطورا فهى استفهامية معلقة للعلم أو حملها فهى مصدرية (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ) أى تنقصه وتزداده فى الجثة كالخديج والتام وفى المدة كالمولود* فى أقل مدة الحمل والمولود فى أكثرها وفيما بينهما قيل إن الضحاك ولد فى سنتين وهرم بن حيان فى أربع ومن ذلك سمى هرما وفى العدد كالواحد فما فوقه يروى أن شريكا كان رابع أربعة أو يعلم نقصها وازديادها