(وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ (٦٩) قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) (٧٠)
____________________________________
إليه بذلك وتأخيره عن الجار والمجرور وإبهامه أولا ثم تفسيره ثانيا من الدلالة على فخامة الأمر وفظاعته مالا يخفى وقرىء بالكسر على الاستئناف والمعنى أنهم يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد (مُصْبِحِينَ) داخلين فى الصبح وهو حال من هؤلاء أو من الضمير فى مقطوع وجمعه للحمل على المعنى فإن* دابر هؤلاء بمعنى مدبرى هؤلاء (وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) شروع فى حكاية ما صدر عن القوم عند وقوفهم على مكان الأضياف من الفعل والقول وما ترتب عليه بعد ما أشير إلى ذلك إجمالا حسبما نبه عليه أى جاء أهل سدوم منزل لوط عليه الصلاة والسلام (يَسْتَبْشِرُونَ) أى مستبشرين بأضيافه عليه الصلاة* والسلام طمعا فيهم (قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي) الضيف حيث كان مصدرا فى الأصل أطلق على الواحد والمتعدد والمذكر والمؤنث وإطلاقه على الملائكة بحسب اعتقاده عليه الصلاة والسلام لكونهم فى زى الضيف والتأكيد ليس لإنكارهم بذلك بل لتحقيق اتصافهم به وإظهار اعتنائه بشأنهم وتشمره لمراعاة حقوقهم وحمايتهم من السوء ولذلك قال (فَلا تَفْضَحُونِ) أى عندهم بأن تتعرضوا لهم بسوء فيعلموا أنه* ليس لى عندكم قدر وحرمة أولا تفضحون بفضيحة ضيفى فإن من أسىء إلى ضيفه فقد أسىء إليه يقال فضحه فضحا وفضيحة إذا أظهر من أمره ما يلزمه العار (وَاتَّقُوا اللهَ) فى مباشرتكم لما يسوؤنى (وَلا تُخْزُونِ) أى لا تذلونى ولا تهينونى بالتعرض لمن أجرتهم بمثل تلك الفعلة الخبيثة وحيث كان التعرض لهم بعد أن نهاهم عليه الصلاة والسلام عن ذلك بقوله (فَلا تَفْضَحُونِ) أكثر تأثيرا فى جانبه عليه الصلاة والسلام وأجلب للعار إليه إذ التعرض للجار قبل شعور المجير بذلك ربما يتسامح فيه وأما بعد الشعور به والمناصبة لحمايته والذب عنه فذاك أعظم العار عبر عليه الصلاة والسلام عما يعتريه من جهتهم بعد النهى المذكور بسبب لجاجهم ومجاهرتهم بمخالفته بالخزى وأمرهم بتقوى الله تعالى فى ذلك وإنما لم يصرح بالنهى عن نفس تلك الفاحشة لأنه كان يعرف أنه لا يفيدهم ذلك وقيل المراد تقوى الله تعالى فى ركوب الفاحشة ولا يساعده توسيطه بين النهيين عن أمرين متعلقين بنفسه عليه الصلاة والسلام وكذلك قوله تعالى (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) أى عن التعرض لهم بمنعهم عنا وضيافتهم والهمزة للإنكار والواو للعطف على مقدر أى ألم نتقدم إليك ولم ننهك عن ذلك فإنهم كانوا يتعرضون لكل أحد من الغرباء بالسوء وكان عليه الصلاة والسلام ينهاهم عن ذلك بقدر وسعه وكانوا قد نهوه عليه الصلاة والسلام عن أن يجير أحدا فكأنهم قالوا ما ذكرت من الفضيحة والخزى إنما جاءك من قبلك لا من قبلنا إذ لو لا تعرضك لما نتصدى له لما اعتراك