(لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (٩١)
____________________________________
والمواعظ والوعد والوعيد وغير ذلك ولما فيها من الثناء على الله تعالى كأنها تثنى عليه سبحانه بأفعاله وصفاته الحسنى ويجوز أن يراد بالمثانى القرآن لما ذكر أو لأنه مثنى عليه بالإعجاز أو كتب الله تعالى كلها فمن للتبعيض وعلى الأول للبيان (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) إن أريد بالسبع الآيات أو السور فمن عطف الكل على البعض* أو العام على الخاص وإن أريد به الأسباع أو كل القرآن فهو عطف أحد الوصفين على الآخر كما فى قوله[إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتائب فى المزدحم] أى (وَلَقَدْ آتَيْناكَ) ما يقال له السبع (الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) لا تطمح ببصرك طموح راغب ولا تدم نظرك (إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ) من زخارف الدنيا وزينتها ومحاسنها وزهرتها (أَزْواجاً مِنْهُمْ) أصنافا من الكفرة فإن ما فى الدنيا من* أصناف الأموال والذخائر بالنسبة إلى ما أوتيته مستحقر لا يعبأ به أصلا وفى حديث أبى بكر رضى الله تعالى عنه من أوتى القرآن فرأى أن أحدا أوتى أفضل مما أوتى فقد صغر عظيما وعظم صغيرا وروى أنه وافت من بصرى وأذرعات سبع قوافل ليهود بنى قريظة والنضير فيها أنواع البز والطيب والجواهر وسائر الأمتعة فقال المسلمون لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها وأنفقناها فى سبيل الله فقيل لهم قد أعطيتم سبع آيات وهى خير من هذه القوافل السبع (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) حيث لم يؤمنوا ولم ينتظموا أتباعك فى* سلك ليتقوى بهم ضعفاء المسلمين وقيل أوانهم المتمتعون به ويأباه كلمة على فإن تمتعهم به لا يكون مدارا للحزن عليهم (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) أى تواضع لهم وارفق بهم وألن جانبك لهم وطب نفسا* من إيمان الأغنياء (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) أى المنذر المظهر لنزول عذاب الله وحلوله (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) قيل إنه متعلق بقوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْناكَ) الخ أى أنزلنا عليك كما أنزلنا على أهل الكتاب (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أى قسموه إلى حق وباطل حيث قالوا عنادا وعدوانا بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما أو اقتسموه لأنفسهم استهزاء حيث كان يقول بعضهم سورة البقرة لى وبعضهم سورة آل عمران لى وهكذا أو قسموا ما قرءوا من كتبهم وحرفوه فأقروا ببعضه وكذبوا ببعضه وحمل توسط قوله تعالى (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) على إمداد ما هو المراد بالكلام من التسلية وعقب ذلك بأنه جل المقام عن التشبيه ولقد أوتى عليه الصلاة والسلام ما لم يؤت أحد قبله ولا بعده مثله وقيل