(فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٩٦)
____________________________________
أصلها عضوة فعلة من عضى الشاة تعضية إذا جعلها أعضاء وإنما جمعت جمع السلامة جبرا للمحذوف كسنين وعزين والتعبير عن تجزئة القرآن بالتعضية التى هى تفريق الأعضاء من ذى الروح المستلزم لإزالة حياته وإبطال اسمه دون مطلق التجزئة والتفريق اللذين ربما يوجدان فيما لا يضره التبعيض من المثليات للتنصيص على كمال قبح ما فعلوه بالقرآن العظيم وقيل هى فعلة من عضهته إذا بهته وعن عكرمة العضه السحر بلسان قريش فنقصانها على الأول واو وعلى الثانى هاء (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) أى لنسألن يوم القيامة أصناف الكفرة من المقتسمين وغيرهم سؤال توبيخ وتقريع (عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) فى الدنيا من قول وفعل وترك فيدخل فيه ما ذكر من الاقتسام والتعضية دخولا أوليا ولنجزينهم بذلك جزاءا موفورا وفيه من التشديد وتأكيد الوعيد مالا يخفى والفاء لترتيب الوعيد على أعمالهم التى ذكر بعضها وفى التعرض لوصف الربوبية مضافا إليه عليه الصلاة والسلام إظهار اللطف به عليه الصلاة والسلام (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) فاجهر به من صدع بالحجة إذا تكلم بها جهارا أو افرق بين الحق والباطل وأصله الإبانة والتمييز وما مصدرية أو موصوله والعائد محذوف أى ما تؤمر به من الشرائع المودعة فى تضاعيف ما أوتيته من المثانى* السبع والقرآن العظيم (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) أى لا تلتفت إلى ما يقولون ولا تبال بهم ولا تتصد للانتقام منهم (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) بقمعهم وتدميرهم قيل كانوا خمسة من أشراف قريش الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والحرث بن قيس بن الطلاطلة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب يبالغون فى إيذاء النبى صلىاللهعليهوسلم والاستهزاء به فنزل جبريل عليه الصلاة والسلام فقال قد أمرت أن أكفيكهم فأومأ إلى ساق الوليد فمر بنبال فتعلق بثوبه سهم فلم ينعطف تعظما لأخذه فأصاب عرقا فى عقبه فقطه فمات وأومأ إلى اخمص العاص فدخلت فيه شوكة فقال لدغت لدغت وانتفخت رجله حتى صارت كالرحى فمات وأشار إلى عينى الأسود بن المطلب فعمى وإلى أنف الحرث فامتخط قيحا فمات وإلى الأسود بن عبد يغوث وهو قاعد فى أصل شجرة فجعل ينطح برأسه الشجرة ويضرب وجهه بالشوك حتى مات (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) وصفهم بذلك تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وتهوينا للخطب عليه بإعلام أنهم لم يقتصروا على الاستهزاء به عليه الصلاة والسلام بل اجترءوا على العظيمة التى هى الإشراك بالله سبحانه* (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) عاقبة ما يأتون ويذرون.