تشبيه عذابهم بعذابهم خاصة لعدم اشتراكهم فى السبب فإن المعضين بمعزل من التقاسم على التبيت الذى هو السبب لهلاك أولئك كما أن أولئك بمعزل من التعضية التى هى السبب لهلاك هؤلاء ولا علاقة بين السببين مفهوما ولا وجودا تصحح وقوع أحدهما فى جانب والآخر فى جانب واتفاق الفريقين على مطلق الاتفاق على الشر المفهوم من الاتفاق على الشر المخصوص الذى هو التبييت المدلول عليه بالتقاسم غير مفيد إذ لا دلالة لعنوان التعضية على ذلك وإنما يدل عليه اقتسام المداخل وجعل الموصول مبتدأ على أن خبره الجملة القسمية لا يليق بجزالة التنزيل وجلالة شأنه الجليل إذا عرفت هذا فاعلم أن الأقرب من الأقوال المذكورة أنه متعلق بالأول وأن المراد بالمقتسمين أهل الكتابين وأن الموصول مع صلته صفة مبينة لكيفية اقتسامهم ومحل الكاف النصب على المصدرية وحديث جلالة المقام عن التشبيه من لوائج النظر الجليل والمعنى لقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم إيتاء مماثلا لإنزال الكتابين على أهلهما وعدم التعرض لذكر ما أنزل عليهم من الكتابين لأن الغرض بيان المماثلة بين الإيتاءين لا بين متعلقيهما والعدول عن تطبيق ما فى جانب المشبه به على ما فى جانب المشبه بأن يقال كما آتينا المقتسمين حسبما وقع فى قوله تعالى (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) الخ للتنبيه على ما بين الإيتاءين من التنائى فإن الأول على وجه التكرمة والامتنان وشتان بينه وبين الثانى ولا يقدح ذلك فى وقوعه مشبها به فإن ذلك إنما هو لمسلميته عندهم وتقدم وجوده على المشبه زمانا لا لمزية تعود إلى ذاته كما فى الصلاة الخليلية فإن التشبيه فيها ليس لكون رحمة الله تعالى الفائضة على إبراهيم عليه الصلاة والسلام وآله أتم وأكمل مما فاض على النبى صلىاللهعليهوسلم وإنما ذلك للتقدم فى الوجود والتنصيص عليه فى القرآن العظيم فليس فى التشبيه شائبة إشعار بأفضلية المشبه به من المشبه فضلا عن إيهام أفضلية ما تعلق به الأول مما تعلق به الثانى وإنما ذكروا بعنوان الاقتسام إنكارا لاتصافهم به مع تحقق ما ينفيه من الإنزال المذكور وإيذانا بأنه كان من حقهم أن يؤمنوا بكله حسب إيمانهم بما أنزل عليهم بحكم الاشتراك فى العلة والاتحاد فى الحقيقة التى هى مطلق الوحى وتوسيط قوله تعالى (لا تَمُدَّنَ) الخ لكمال اتصاله بما هو المقصود من بيان حال ما أوتى النبى صلىاللهعليهوسلم ولقد بين أولا علو شأنه ورفعة مكانه بحيث يستوجب اغتباطه عليه الصلاة والسلام بمكانه واستغناءه به عما سواه ثم نهى عن الالتفات إلى زهرة الدنيا وعبر عن إيتائها لأهلها بالتمتيع المنبىء عن وشك زوالها عنهم ثم عن الحزن بعدم إيمان المنهمكين فيها بمراعاة المؤمنين والاكتفاء بهم عن غيرهم وبإظهار قيامه بمواجب الرسالة ومراسم النذارة حسبما فصل فى تضاعيف ما أوتى من القرآن العظيم ثم رجع إلى كيفية إيتائه على وجه أدمج فيه ما يزيح شبه المنكرين ويستنزلهم عن العناد من بيان مشاركته لما لا ريب لهم فى كونه وحيا صادقا فتأمل والله عنده علم الكتاب هذا وقد قيل المعنى قل إنى أنا النذير المبين كما قد أنزلنا فى الكتب إنك ستأتى نذيرا على أن المقتسمين أهل الكتاب انتهى يريد أن ما فى كما موصولة والمراد بالمشابهة المستفادة من الكاف الموافقة وهى مع ما فى حيزها فى محل النصب على الحالية من مفعول قل أى قل هذا القول حال كونه كما أنزلنا على أهل الكتابين أى موافقا لذلك فالأنسب حينئذ حمل الاقتسام على التحريف ليكون وصفهم بذلك تعريضا بما فعلوا من تحريفهم وكتمانهم لنعت النبى صلىاللهعليهوسلم وقوله تعالى (عِضِينَ) جمع عضة وهى الفرقة