في المصداقية لهذا المفهوم الكلي الذي هو مدلول كلمة القائم وهو الذات المتلبسة بالمبدأ بقول مطلق فإنه كما أن القطعة المتلبسة بالقيام فعلا مصداق حقيقي للقائم فيصدق عليه هذا المفهوم كذلك أيضا القطعة المتلبسة به سابقا فإنه بمجرد تلبسها بالقيام يصير تلك القطعة فردا ومصداقا حقيقيا للقائم ويصدق عليه هذا المفهوم كصدقه على المتلبس الحالي بالمبدأ من دون ان يخرج تلك القطعة عن الفردية بوجه أصلا ، وهكذا الكلام بالنسبة إلى القطعة المتلبسة بالقيام لا حقا فإنه بعد ما يرى العقل تلبسها بالقيام في الغد يرى كونها مما ينطبق عليها مفهوم القائم فيحكم فعلا بكونها فردا ومصداقا له وان لم يكن لها وجود في الخارج فعلا ، لان مصداقية شيء وفرديته لعنوان كلي غير منوط بوجوده فعلا في الخارج لان الخارج دائما ظرف وجود الفرد فارغا عن مصداقيته وفرديته ، ومن ذلك لو وقع مثل هذا العنوان موضوعا لحكم الشرعي في لسان الدليل كقوله أكرم العالم مع كون المطلوب هو صرف وجود الاكرام المضاف إلى طبيعة العالم المنطبق على أول وجود منه ترى حكم العقل في مثله بالتخيير بين اكرام الفرد الفعلي الموجود حال الخطاب وبين اكرام غيره من الافراد التدريجية التي توجد بعد ذلك ، نظير حكمه بالتخيير بين الافراد التدريجية من الصلاة من أول الظهر إلى الغروب في الفرائض اليومية فلو لا مصداقية الموجود المتأخر للعام فعلا لما كان وجه لحكمه بالتخيير بين الاتيان بالفرد الفعلي وبين الاتيان بالفرد الاستقبالي في موطنه كما هو واضح فتدبر. وحينئذ نقول : بأنه إذا كانت تلك القطعات الثلاث من الذات أي القطعة المتلبسة بالمبدأ سابقا والقطعة المتلبسة به حالا والمتلبسة به لاحقا كل واحدة منها مصداقا لمفهوم القائم وينطبق عليها هذا المفهوم الكلي بنحو الحقيقة فلا جرم يلزمه صحة جرى مفهوم القائم فعلا على القطعة السابقة واللاحقة كصحة جريه على القطعة المتلبسة بالقيام فعلا فيصح حينئذ ان يجرى المشتق فعلا ويطبقه على تلك القطعة من الذات التي تلبست سابقا بالقيام أو التي تتلبس به في المستقبل كما هو واضح.
ومن ذلك البيان ظهر نكتة أخرى وهي عدم كفاية مجرد هذا النزاع في مدلول كلمة المشتق بأنه حقيقة في المتلبس الفعلي أو الأعم منه والمنقضي عنه المبدأ في استنتاج النتيجة المعروفة من وجوب الاكرام وعدم وجوبه في مثل قوله : يحب اكرام العالم ، وكراهة البول تحت الشجرة المثمرة في قوله : يكره البول تحت الشجرة المثمرة ما لم ينضم إليه