تصوير الشرط المتأخر في الأحكام الوضعية
واما الأحكام الوضعية فهي باعتبار كونها من الاعتبارات الجعلية يكون امر تصوير الشرط المتأخر فيها أوضح مما في باب التكاليف. ولتوضيح المرام في المقام لابد من الإشارة الاجمالية إلى حقيقة الأحكام الوضعية كالملكية والزوجية ونحوهما ، فنقول :
اعلم أن الأحكام الوضعية كالملكية والزوجية وان كانت من سنخ الإضافات والاعتبارات ولكنها لا تكون من سنخ الإضافات الخارجية المقولية المحدثة لهيئة في الخارج التي قيل بان لها حظا من الوجود وان الخارج ظرف لوجودها ، كالفوقية والتحتية والتقابل ونحوها من الإضافات والهيئات القائمة بالأمور الخارجية كالإضافة الخاصة بين ذوات أخشاب السرير المحدثة للهيئة السريرية في الخارج وذلك لما نرى بالعيان والوجدان من عدم كون الملكية كذلك وانه لايوجب ملكية شيء لشخص احداث هيئة خارجية بينه وبين الشخص كما يوجبه الإضافات الخارجية ، إذ يرى أن المال المشتري بعد صيرورته ملكا للمشتري بواسطة البيع كان على ما له من الإضافة الخارجية بينه وبين البايع قبل ورود الشراء عليه من دون ان يكون صيرورته ملكا للمشتري منشأ لتغير وضع أو هيئة بينهما في الخارج أصلا. نعم لا تكون أيضا من سنخ الاعتباريات المحضة التي لا صقع لها الا الذهن ولا كان لها واقعية في الخارج ، كالنسب بين الاجزاء التحليلية في المركبات العقلية كالانسان والحيوان الناطق وكالكلية والجزئية وكالوجودات الا دعائية التنزيلية التي لا واقعية لها في الخارج وكان واقعيتها بلحاظها واعتبارها.
بل وانما تلك الأحكام سنخها متوسطة بين هاتين فكانت من الإضافات التي لها واقعية في نفسها مع قطع النظر عن لحاظ لا حظ واعتبار معتبر في العالم وكان الخارج تبعا لطرفها ظرفا لنفسها ولولا لوجودها ، نظير كلية الملازمات ، فكما ان الملازمة بين النار والحرارة مما لها واقعية في نفسها بحيث كان اللحاظ طريقا إليها لا مقوما لها كما في الاعتباريات المحضة ولذا لو لم يكن في العالم لا حظ كانت الملازمة المزبورة متحققة كذلك الملكية والزوجية ونحوهما أيضا فإنها أيضا بعد تحقق منشأ اعتبارها الذي هو الجعل مما لها واقعية في نفسها حيث كانت مما يعتبرها العقل عند تحقق منشأ اعتبارها