جواز الاكتفاء بغسل الجنابة عن ما عداه من غسل الحيض والنفاس ومس الميت ونحوها انما هو من جهة ان الجنابة من أكبر الاحداث التي تندك في ضمنها سائر الاحداث نظير اندكاك السواد الضعيف في ضمن السواد الشديد ، فإنه حينئذ مع زوالها بغسلها لايبقى حدث حتى ينتهى بعد الغسل منها إلى الامر بالغسل لسائر الاحداث ، ففي الحقيقة سقوط الامر بالغسل عن الحيض والنفاس ونحوهما مع غسل الجنابة انما هو من جهة عدم بقاء المحل والموضوع وهو الحدث مع غسل الجنابة ، لا من جهة وقوع غسل الجنابة امتثالا للامر بسائر الأغسال تعبدا مع عدم قصد عنوانها حتى يتوجه الاشكال المزبور ، فتأمل. وهذا بخلاف غسل غير الجنابة ، فإنه من جهة عدم وفائه بزوال الحدث بجميع مراتبه لا يكتفى به في سقوط غسل الجنابة الا بقصدها أيضا ، كما يشهد له أيضا ما في الصحيح عن أبي عبد الله وأبى الحسن عليهماالسلام في رجل يجامع المرأة فتحيض قبل ان تغتسل من الجنابة قال (ع) غسل الجنابة عليها واجب (١) الظاهر في عدم كفاية ما تأتى به من غسل الحيض عن غسل الجنابة ولزوم الاتيان بغسلها أيضا ليرتفع به تمام مراتب الحدث ، فتأمل ، وتمام الكلام في هذا المقام موكول إلى محله في الفقه.
ثم إن هذا كله فيما لو أحرز تعدد الجزاء عنوانا واختلافه بحسب الحقيقة ولو بمعونة قرينة خارجية كما في الأغسال. واما لو لم يحرز ذلك واحتمل تعدده بحسب الحقيقة ، كما في الكفارة المترتبة على الافطار والظهار ، فهل مقتضي القواعد في هذه الصورة هو الحمل على تعدد العنوان والحقيقة كي يندرج في موضوع البحث المتقدم عند التصادق ، ويقال فيه بالتداخل ، أو الحمل على وحدة الحقيقة؟ فيه وجهان : أظهرهما الثاني ، إذ نقول : بان اختلاف الحقيقة في الجزاء لابد وأن يكون بأحد الامرين ، اما من جهة الاختلاف ذاتا كالظهرية والعصرية أو من جهة الإضافة إلى الشروط. اما الجهة الأولى : فهي منتفية في المقام من جهة عدم الطريق إلى اختلاف الحقيقة ذاتا فيه وكون الكفارة المترتبة على الافطار بذاتها غير الكفارة المترتبة على الظهار ، واما الجهة الثانية : فكذلك أيضا من جهة ظهور مثل هذه القضايا الشرطية في كون المشروط من الجهات التعليلية للحكم لا من الجهات التقييدية للموضوع ، كي يكون لإضافتها دخل في الموضوع. ومن ذلك نفرق
____________
١ ـ الوسائل ، الباب ٤٣ من أبواب الجنابة ، الحديث ٨.