ومنها : ما افاده صاحب المعالم قدسسره حيث منع عن الاستعمال المزبور في المفرد بنحو الحقيقة لاعتباره قيد الوحدة في الموضع له ، والتزم بالجواز في غيره حيث قال بعد اختيار الجواز : لنا على الجواز انتفاء المانع بما سنبينه من بطلان ما تمسك به المانعون ، وعلى كونه مجازا في المفرد تبادر المعنى منه مفردا عند اطلاق اللفظ فيفتقر إرادة الجميع إلى الغاء قيد الوحدة فيصير اللفظ مستعملا في خلاف موضوعه لكن وجود العلاقة المصححة للتجوز أعني علاقة الكل والجزء يجوزه فيكون مجازا. واستدل أيضا على كونه بنحو الحقيقة في التثنية والجمع بأنهما في قوة تكرار المفرد بالعطف ( انتهى كلامه قدسسره ) أقول : الظاهر أن مراده قدسسره من الوحدة التي اعتبرها في المعنى والموضوع له هي وحدة المعنى وانفراده عن الشريك في مرحلة الوضع لا الوحدة الذاتية التي يعتبرها العقل من المعنى كي يرد عليه : بأنه لا شبهة في بقاء المعنى على حاله حتى في حال استعمال اللفظ في المتعدد من دون انقلابه عما هو عليه من الوحدة الذاتية بانضمام الغير معه فكان المعنى على وحدته ولو انضم إليه الف معنى في مقام الاستعمال حيث كان المستعمل فيه حينئذ عبارة عن الف واحد ولا وحدة المعنى وجودا على معنى كون المعنى منفردا دائما بحسب الوجود ، كي يرد عليه : بأنه لا معنى لدعوى وضع اللفظ للمعنى بشرط انفراده في عالم الوجود وعدم وجود معنى آخر ، كيف وان مثل ذلك مما لاينبغي ان يحتمل صدوره عن عاقل فضلا عن مثله قدسسره الشريف وحينئذ فيتعين ان يحمل الوحدة المذكورة في كلامه على ما ذكرناه من وحدة المعنى وانفراده عن الشريك حال الوضع.
نعم على ذلك أيضا يتوجه عليه اشكال المحقق القمي قدسسره بعدم امكان اخذ مثل هذه الوحدة الناشئة من قبل قصر الوضع قيدا في ناحية المعنى والموضوع له لأنها باعتبار نشوها من قبل قصر الوضع تكون في رتبة متأخرة عن ذات المعنى والموضوع له ، ومع فرض تأخرها عنه رتبة يستحيل اخذها قيدا له وحينئذ فلابد من تجريد المعنى عن مثل هذه الوحدة أيضا ومع التجريد لايبقى الا ذات المعنى عارية عن حيث التقيد بالوحدة ، وعليه فلايكون استعمال اللفظ المفرد في المتعدد من الاستعمال المجازي ، بل امره دائر بين كونه غلطا من رأسه وبين كونه استعمالا حقيقيا. بل قد يقال بالمنع عن صحة الاستعمال المزبور مجازا أيضا ولو مع تسليم تقيد المعنى بقيد الوحدة والانفراد ، بتقريب ان المستعمل فيه اللفظ لما كان هو المعنى الملحوظ معه آخر فلا جرم يكون